شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[مذهب المعتزلة وغيرهم في الطريق إلى الإمامة والرد عليهم]

صفحة 416 - الجزء 3

  وعبدالرحمن.

  قالوا: يدل على الاختيار أمر خالد يوم مؤتة فإن النبي ÷ أمَّر زيداً فإن أصيب فعبدالله بن رواحة فإن أصيب عبدالله فجعفر فلما قتلوا قال المسلمون خالد سيف الله فأَمَّرُوه ولم ينكر عليهم النبي ÷ بل أقرهم على ذلك.

  قال العنسي في المحجة والجواب أن هذا الخبر ترويه العامة كما ذكرناه عنهم والمأثور غير ذلك روى أنس بن مالك قال: خطبنا رسول الله ÷ وعيناه تذرفان بالدموع فقال: «أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل ثم أخذها زيد وقتل ثم أخذها عبدالله بن رواحة فقتل ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح الله على يديه فما يسرهم أنهم عندنا وما يسرنا أنا عندهم».

  قال: وعن محمد بن زيد بن علي بن الحسين $ قال: ما لقي رسول الله ÷ جيشاً إلا بدأ بأهل بيته ولا بعث بعثاً إلا قدم أهل بيته.

  قال الراوي: وسألناه من كان على الناس يوم مؤتة؟ فقال: جعفر بن أبي طالب.

  قال: وهذه رواية أهل البيت $.

  وروى زيد بن علي # أن جعفر بن أبي طالب لم يبعثه رسول الله ÷ في وجه قط إلا جعله على الناس في حديث اختصرناه قال في آخره: ثم أمَّره على زيد وعبدالله بن رواحة وجميع الناس في غزوة مؤتة فقطعت يداه وضرب جسده نيفاً وسبعين ضربة، فهذه رواية أهل البيت $ في ذلك مخالفة لرواية العامة.

  ثم إن النبي ÷ قال: «أخذها خالد بغير إمرة» وذلك يدل على أنه لا أمارة له سواء اختاروه أم لا، وإنما كان دافعاً عن نفسه وعن المسلمين فقط.

  وأيضاً فلا خلاف أنه لم يثبت له بذلك الإمامة فأين الأمارة من الإمامة.

  وأيضاً فإن الإمارة فرع على الإمامة لأن تأمير الأمراء إلى الأئمة فكيف يحتج بالفرع على الأصل الذي لا يعلم ثبوته إلا بالأصل. انتهى.