شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التفضيل)

صفحة 419 - الجزء 3

  البلوى باستعمال المجاز مع الحقيقة في كثير من الأسماء والصفات، ومن ذلك البلوى بالتخلية والتمكين لأعداء الحق والمحقين، ومن ذلك إيجاب الولاء والبراء في الدين، ومنه بلوى المفاضلة كما قال تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}⁣[الأنعام: ١٦٥]، وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}⁣[الأنعام: ٥٣]، وهذا موضع الفائدة هنا وهو التنبيه على عظم هذه البلية التي لأجلها هلك أكثر الأولين والآخرين.

  ووجه الحكمة في الابتلاء فهو ما أخبر الله سبحانه به من التمييز بين المطيعين والعاصين بما يظهر عند البلوى من أسرارهم لأنه سبحانه لحكمته لا يعذب على ما يعلم من معاصي العباد قبل ظهورها وظهورها لا يكون إلا بالامتحان كما قال سبحانه: {الم ١ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ٢ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ٣}⁣[العنكبوت].

  ومن ذلك ما حكى الله سبحانه عن الملائكة من إيجاب السجود من أجل آدم: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ}⁣[البقرة: ٣٤].

  ومن ذلك إيجاب طاعة أولي الأمر من أهل بيت محمد ÷ وتعظيمهم وتقديمهم في أمور الدين والاعتراف بفضلهم والتسليم لهم والرد فيما اختلف فيه إليهم.

  ومما يؤيد ما ذكرناه قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # في نهج البلاغة: «ولكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزاً بالاختبار لهم ونفياً للاستكبار عنهم».

  وقوله # في إبليس لعنه الله ومن اقتدى بفعله: «فعدوّ الله إمام المتعصبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية ونازع الله رداء الجبرية وادرع