(فصل في التفضيل)
  قال: وروينا أيضاً أنها ربما اشتغلت بصلاتها وعبادتها فربما بكى ولدها فيُرى المهد تحرك من غير محرك من الآدميين. ذكر هذا شارح الأبيات الفخرية وغيره.
  قال الحاكم: اعترض بعض النواصب على هذه القصة بأن قال: اتفق أهل التفسير على أن هذه السورة مكية وهذه القصة كانت بالمدينة إن كانت فكيف تكون سبب نزول السورة وبان بهذا أنها مخترعة.
  قال: قلت: وكيف يسوغ له دعوى الإجماع مع قول الأكثر إنها مدنية.
  قال: فلقد حدثونا عن أبي الشيخ الأصبهاني ثم رفع الرواية إلى ابن عباس أنه قال: أول ما نزل بمكة «اقرأ باسم ربك الذي خلق» وذكر إلى قوله: هذا ما نزل بمكة خمس وثمانون سورة، وأول ما نزل بالمدينة البقرة وآل عمران والأنفال والأحزاب والممتحنة وإذا زلزلت والحديد ومحمد والرعد والرحمن وهل أتى على لإنسان والطلاق، وذكر إلى قوله: فذلك ثماني وعشرون سورة ما نزل بالمدينة.
  قال الحاكم: هذا لفظ أبي نصر.
  قال: وقال بهلول: ثم أنزل بالمدينة البقرة ثم الأنفال ثم آل عمران ثم الأحزاب ثم الممتحنة ثم النساء ثم إذا زلزلت ثم الحديد ثم سورة محمد ثم الرعد ثم سورة الرحمن ثم هل أتى على الإنسان ثم الطلاق، وذكر إلى قوله: فذلك ثماني وعشرون سورة ثم ذكر الحاكم روايات أخر كثيرة أن سورة هل أتى مدنية عن ابن عباس وغيره من جماهير العلماء.
  وذكر الحاكم أيضاً روايات أخر أنهم كانوا إذا نزلت أول السورة بمكة كتبوها مكية وإن نزل باقيها بالمدينة وإن نزل أولها بالمدينة كتبوها مدنية وإن نزل باقيها في غيرها وإنما تركت ذلك اختصاراً، ولأن من زعم أنها مكية أكذبه الله سبحانه بقوله: {وَأَسِيرًا ٨} فإن الأسير لم يكن إلا بعد القتال ولم يقاتل الرسول ÷ إلا بعد هجرته إلى المدينة.