(فصل في التفضيل)
  أرضه أني لم أقل إلا حقاً.
  قال: فأنى لك هذا الذي لم أر مثله قط ولم أشم مثل رائحته ولم آكل أطيب منه؟ فوضع النبي ÷ كفه المبارك بين كتفي علي ثم هزها فقال: «يا علي هذا ثواب لدينارك هذا جزاء بدينارك، هذا من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب»، ثم استعبر النبي ÷ باكياً ثم قال: «الحمد لله الذي هو أبدأكما لن يخرجكما من الدنيا حتى يجريك في المجرى الذي أجرى فيه زكريا ويجريك يا فاطمة بالمثال الذي أجرى فيه مريم كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً».
  ثم قال الكنجي: أخرجه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في الأربعين الطوال وابن شاهين في مناقبها ثم قال: وليس هذا ببدع في حقها.
  وأما ما ذكره المخالف واستدل به على أفضلية عائشة لكونها أحب أزواجه ÷ إليه فإن محبة الزوجة لا تدل على زيادة فضلها على غيرها من المؤمنات لجواز أن يكون ذلك من الطباع البشرية ولا سيما مع ما ورد من قوله ÷ فيها: «إياك أن تكونيها يا حميراء»(١)، وما روي من أنها أغرت بعض نسائه ÷ أن تقول إذا خلا بها النبي ÷: أعوذ بالله منك، فقالت ذلك، فقال
(١) رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج بلفظ: «إياك يا حميراء أن تكونيها»، ورواه الحاكم في المستدرك عن أم سلمة بلفظ: «انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت» من جملة ثلاثة أحاديث ثم قال: هذه الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، ورواه نعيم بن حماد في الفتن بلفظ: «إياك يا حميراء» وأخرجه الهندي في كنز العمال ثم قال: نعيم بن حماد في الفتن وسنده صحيح. انتهى. ورواه ابن عساكر في الأربعين بلفظ: «انظري يا حميراء لا تكوني أنت»، ورواه البيهقي في الدلائل مثل لفظ المستدرك، ورواه ابن قتيبة في الإمامة والسياسة عن عائشة بلفظ: «وإياك أن تكوني أنت يا حميراء» هذا مع انه قد مر تخريج حديث تنبحها كلاب الحوأب.