(فصل: في حقيقة النظر و) ما يجب منه وبيان (أقسامه)
  سبحانه ضرورة بأن يخلق فيهم علماً ضرورياً لما يرونه ويشاهدونه من الآيات العظام. انتهى معنى ما ذكره السيد مانكديم #.
  قال بعض المتكلمين: المعارف تنقسم إلى قسمين: معرفة الله سبحانه وتعالى وهي علمه وعلمه سبحانه ذاته قال: وإذا صح أن العلم هو المعرفة فكل من يسمى عالماً يسمى عارفاً؛ إذ لا فرق بين التسميتين، قال أمير المؤمنين #: «عارفاً بقرائنها وأحنائها، محيطاً بحدودها وانتهائها»(١) فسمى الله تعالى عارفاً والمعرفة الثانية معرفة الخلق وهي على وجهين: ضرورية واختيارية.
  فالضرورية على ثلاثة أنواع معرفة آدم ~ بأسماء المنافع والمضار ومعرفته بكيفية الانتفاع والاستصلاح ويدخل في ذلك معرفة المعادن وكثير من الصناعات مما لا يدرك بالفكر لقوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[البقرة: ٣١]، ومعرفة الملك الأعلى ~ بالكتب وما يوحى إليه.
  وقد روي عن الهادي # عن النبي ÷ أنه سأل جبريل صلى الله عليه: «كيف يأخذ هذا الوحي؟ فقال: آخذه من ملك فوقي، قال: وكيف يأخذه ذلك الملك ~؟ فقال: يلقيه الله في قلبه إلقاءً».
  والمعرفة الثالثة معرفة البهائم بما يضر وينفع وهذه الثلاثة الأنواع كلها ضرورية. انتهى.
  قلت: إن صح ورود السمع بإطلاق المعرفة على الله تعالى بالمعنى الذي ذكر فلا بأس وإلا فلا يجوز للإيهام. وإطلاق اسم المعرفة على إلهام البهائم بمنافعها ونفارها عن مضارها فيه نظر، والله أعلم.
  فإذا ثبت أن معرفة الله سبحانه لا تكون إلا بالنظر وقد ثبت وجوبها كما سيأتي إن شاء الله تعالى وجب النظر، فقال #:
(١) وفي نهج البلاغة: «مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وَانْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَأَحْنَائِهَا».