شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب الهجرة)

صفحة 35 - الجزء 4

  إمكان نكير وقيل: لا عبرة بإمكان النكير فإنه إذا ظهر الفسق من غير نكير ولو كان يمكن النكير كانت دار فسق، وبهذا صرح جعفر بن مبشر حيث قال: تكون الدار دار فسق إذا ظهر فيها الفسق في الطرق والأسواق من غير إنكار.

  قلت: وهو الحق.

  وقيل: إنما تكون الدار دار فسق إذا كان ذلك الفسق الظاهر فيها من غير نكير من جهة الاعتقاد كدار الخوارج والبغاة على الأئمة، ولا عبرة بفسق الجارحة كشرب الخمر والزنا ونحوهما فلا تصير بذلك دار فسق، وعلل ذلك بأن للبغاة أحكاماً مخصوصة فيجب أن تعتبر لهم دار منفردة كما في دار الكفر والإسلام.

  وأما الفسق بغير البغي فلا حكم له مخصوص فلا عبرة به حينئذ في إثبات الدار.

  وقال المؤيد بالله: لا دار للفسق مطلقاً سواء كان فسقاً بالبغي أو بغيره إذ لا حكم يستفاد منها لساكنها بخلاف دار الكفر ودار الإسلام فإنه يستفاد من كل منهما أحكام لساكنها.

  قلنا: لا نسلم ذلك فإن تحريم الموالاة حكم يستفاد منها، وكذا وجوب المعاداة ورد الشهادة وتحريم الصلاة على موتى أهلها وتحريم غسلهم ودفنهم ونحو ذلك.

  فإن قيل: دار الإسلام ودار الكفر ثبتا بالقياس على مكة والمدينة كما تقدم فبماذا تثبت دار الفسق؟

  قلنا: تثبت دار الفسق بالقياس على دار الكفر، والجامع بينهما: أن لكل منهما أحكاماً مخصوصة. كذا ذكره النجري.

  والأولى أن يقال: والجامع بينهما العصيان، وأما الأحكام المخصوصة فهي