شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب الهجرة)

صفحة 36 - الجزء 4

  ثمرة القياس والله أعلم.

  وأثبت بعضهم داراً رابعة وهي ما لم يعلم حكمها لاجتماع أهل الكفر والإسلام فيها أو لا يعلم حالها أصلاً.

  قلنا: إن ظهر الكفر فيها من غير جوار فهي دار كفر ولو ظهر فيها الإسلام وإلا فهي دار إسلام، ولا واسطة، وأما إذا لم يعلم حالها هل يظهر الكفر بجوار أو لا فلا بد من الرجوع في كل شخص إلى ما يظهر منه وإلا فالتوقف.

  قال (أئمتنا $: وهي) أي الهجرة (واجبة بعد الفتح) أي بعد فتح النبي ÷ مكة كقبله ووجوبها باق إلى يوم القيامة.

  (وقيل): بل (قد نسخت) الهجرة أي نسخ وجوبها بعد الفتح (بقوله ÷: «لا هجرة بعد الفتح»)، وحكى في البحر هذا القول عن المؤيد بالله #.

  (قلنا) جواباً عليهم: (المراد) به: لا هجرة بعد الفتح (من مكة شرفها الله تعالى)؛ لأنه كان من أسلم بمكة قبل الفتح أمر بالهجرة إلى المدينة فأخبر ÷ بأن حكم مكة بعد الفتح كحكم المدينة (إذ صارت) بعد الفتح (دار إسلام كالمدينة) أي مدينة النبي ÷ ولا تجب الهجرة من دار الإسلام (لا) أنه أراد ÷ بقوله: «لا هجرة بعد الفتح»⁣(⁣١) (من ديار الكفار لما سيأتي) الآن (إن شاء الله تعالى).

  والدليل على صحة تأويلنا ما روي عن معاوية وابن عمرو قال: سمعت


(١) رواه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد، ورواه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان # في أصول الأحكام، ورواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس، ومسلم في صحيحه عن عائشة، والترمذي في سننه عن ابن عباس، والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد، وأحمد بن حنبل في مسنده، والدارمي في سننه عن ابن عباس وغيرهم.