شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[انقسام النظر إلى صحيح وفاسد وما يلحق بذلك]

صفحة 171 - الجزء 1

  (ويرادفه) أي: نظر الفكر (التفكر) والتأمل والتدبر والرَّوِيَّة (المطلوب به ذلك) أي: تحصيل اعتقاد وإن لم يطلب به ذلك فليس مرادفاً للنظر نحو أن يتفكر في غير شيء أو يتفكر في شيء لا لتحصيل اعتقاد ولهذا يقال: الصمت بغير تفكر خرس، والتفكر في غير الحكمة هوس.

[انقسام النظر إلى صحيح وفاسد وما يلحق بذلك]

  (وهو) أي: النظر (ينقسم إلى قسمين): وهما (صحيح وفاسد، فالأول) وهو الصحيح: (ما تتبع به أثر) أي: فعل (نحو التفكر في المصنوع) أي: المخلوق (ليعرف الصانع) له وهو الله سبحانه وتعالى كما قال قس بن ساعدة: «إن في السماء لخبراً وإن في الأرض لعبراً، بحار لا تغور، ونجوم لا تمور، وسقف مرفوع، ومهاد موضوع، ومطر ونبات، وآباء وأمهات، وذاهب وآت، وآيات في إثر آيات.

  وكما قال الأعرابي: البعرة تدل على البعير، وأثر الأقدام يدل على المسير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج لا تدل على اللطيف الخبير؟

  (والثاني) وهو النظر الفاسد: (ما كان رجماً بغيب) من دون اتباع أثر (نحو التفكر في ذات الله تعالى)؛ لأن الله سبحانه لا يُدرَك بالحواس ولا يصح أن يتصوره الناس؛ لأنه جل وعلا شيء لا كالأشياء، وإنما يصح أن يدرك بالحواس ويتصور ما كان من جنس المخلوقات المحدثات.

  وإنما يعلم سبحانه وتعالى بأفعاله ومخلوقاته وما أودع فيها من الحكم الباهرة والعجائب الجمة الدالة على ذاته تعالى، ولهذا قال ÷: «تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله»⁣(⁣١)، وقال: «تفكروا في المخلوق ولا تفكروا في


(١) رواه السيد حميدان # في مجموعه، وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج ابن أبي الدنيا، والطبراني، وابن مردويه، والأصبهاني في الترغيب عن ابن عمر قال: قال رسول الله ÷ ... إلخ، ورواه ابن أبي حاتم في التفسير، ورواه ابن عدي في الكامل، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط والسخاوي في المقاصد.