(فصل): في ذكر ما يبطل الإيمان
  العشرتان وصارت العشرة التي هي العقاب مكفرة بعشرة من الثواب وبقي جزء من الثواب يدخل به الجنة، ومن له عشرة من الثواب وأحد عشر من العقاب فإنه ينحبط الثواب بعشرة ويبقى عليه جزء من العقاب يدخل به النار.
  وقال أبو علي: بل يسقط الأقل وهو العشرة في مثالنا بالأكثر وهو الأحد عشر، ولا يسقط من الأكثر شيء فيستحق الأحد عشر التي هي الثواب في الصورة الأولى والعقاب في الصورة الثانية كاملة من غير أن يسقط منها شيء في مقابلة العشرة.
  وأما الذي يجيء على أصل قدماء أهل البيت $ أن أجزاء الثواب والعقاب لا يجتمعان؛ لأنه إنما يتقبل الله من المتقين فالكبيرة محبطة للإيمان ومبطلة للثواب لا بالموازنة، والصغيرة مكفرة أي لا عقاب عليها لا من جهة نقصان عقابها عن أجزاء الثواب سواء قلنا إن الصغائر متعينة وهي الخطأ والنسيان والمضطر إليه أو غير متعينة كما ذهب إليه الأكثر، والله أعلم.
  قال (أئمتنا $ وجمهور المعتزلة والشافعي وبعض الخوارج: والكبائر) من المعاصي (محبطات للإيمان) أي مبطلات له (فلا يبقى مؤمناً من ارتكب) معصية (كبيرة خلافاً لمن مرّ ذكره) من الفرق المخالفة في حقيقة الإيمان في الشرع.
  (لنا) حجة على قولنا (ما مر) من الأدلة على حقيقة الإيمان الشرعي كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ ...} الآية [الأنفال: ٢]، ونحوها.
  وما رواه البخاري عن أبي هريرة أن النبي ÷ قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ..» الخبر.
  وأما استواء الثواب والعقاب فلا يتأتى ولا يستقيم إلا على مذهب المعتزلة ولهذا قال أبو هاشم يجوز استواء الثواب والعقاب عقلاً؛ إذ لا مانع إلا السمع