كتاب المنزلة بين المنزلتين
  وهو الإجماع على أنه لا بد للمكلف من أن يستحق الجنة أو النار.
  قالوا: فلو استوى الثواب والعقاب لم يستحق المكلف جنة ولا ناراً.
  قال الإمام المهدي #: وفي دعوى الإجماع نظر؛ إذ خلاف زين العابدين وغيره كالقاسم # ظاهر فإن المنقول عنهم: أنه يجوز استواء الثواب والعقاب ثم يدخل الله تعالى ذلك المكلف الجنة تفضلاً بشفاعة أو غيرها.
  قيل: وممن قال بذلك المؤيد بالله # والقاضي شمس الدين جعفر بن أحمد بن أبي يحيى، والشيخ الحسن الرصاص، والفقيه حسام الدين حميد بن أحمد الشهيد.
  قال النجري: وقد قال باستوائهما أيضاً فرقة من الصوفية لكنهم يثبتون داراً ثالثة بين الجنة والنار يدخلها من المكلفين من استوى ثوابه وعقابه، قالوا: وهي التي ذكرها الله تعالى بقوله: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ}[الأعراف: ٤٥].
  قلت: وفي هذه الحكاية عن زين العابدين والقاسم @ نظر؛ لأن المعلوم من مذهب قدماء أهل البيت $ أن العقاب لا يجامع الثواب، وأنهما متضادان كما سبق ذكر شيء من ذلك في فصل الآلام لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٢٧}[المائدة]، وقوله تعالى: {لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا}[فاطر: ٣٦]، وأصول قواعدهم يشهد بما ذكرناه، وسيأتي للقاسم # أنه قال: من حج وهو فاسق لم يقبل حجه.
  قال الإمام أحمد بن سلميان #: واعلم أن الأعمال على خواتمها فمن وافق موته عملاً صالحاً فقد فاز وظفر بالخير، ومن وافق موته عملاً سيئاً كان من المعاقبين النادمين الخاسرين وعلى هذا لو أن عبداً كان على طريق النجاة مطيعاً لربه ثم اعتمد معصية الله ومات عليها أنه قد أبطل عمل نفسه وأحبط حسناته وكان كمن لم يطع الله وكان من أهل النار، ولو أن عبداً كان عاصياً لله مضيعاً