كتاب المنزلة بين المنزلتين
  ومات ولم يحج والساعي في الفتن، وبائع السلاح من أهل الحرب، ومن نكح ذات محرم منه» أخرجه ابن عساكر(١) والشواهد في ذلك كثيرة.
  قال الهادي # في كتاب العدل والتوحيد الكفر في كتاب الله على معنيين:
  أحدهما: كفر جحود وتعطيل وذلك قول الله سبحانه يحكي عن قوم من خلقه: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}[الجاثية: ٢٤]، فهؤلاء الدهريون المعطلون الزنادقة الملحدون.
  والكفر الثاني: كفر النعمة وذلك قوله سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ٧}[إبراهيم]، يقول: حكم الله لشاكر النعمة بالزيادة ولكافر النعمة بالعذاب الأليم قال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ٤٤}[المائدة]، والكافر فهو كل من ارتكب معاصي الله وخالف أمره وضاد حكمه فهو كافر لنعم الله ومعاند لله تجب البراءة منه والمعاداة له.
  (وقد ثبت النص) من الشارع (على إطلاقه) أي الكفر (على الإخلال بالشكر) كما (قال تعالى): {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ١١٢}[النحل]، فعلق الكفر بالنعم وصرح بأن الإخلال بالشكر كفر وكما مر ذكره من الآيات المتقدمة.
  (ولأن الفسق) هو (الخروج من الحد) في عصيان أهل الكفر (عرفاً) أي
(١) علي بن الحسن بن هبة الله، أبو القاسم، ابن عساكر الدمشقي: المؤرخ الحافظ الرحالة، كان محدث الديار الشامية، ورفيق السمعاني (صاحب الأنساب) في رحلاته. مولده ووفاته في دمشق (٤٩٩ - ٥٧١ هـ). له «تاريخ دمشق الكبير» يعرف بتاريخ ابن عساكر. (الأعلام للزركلي باختصار).