شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق

صفحة 141 - الجزء 4

  لم يعرفهم لا تلزمه أحكامهم، وتحصيل شرط الواجب ليجب لا يجب كما هو مقرر في أصولكم.

  لأنا نقول: إنه سبحانه قد عرفنا أن في أفعالنا ما هو طاعة وما هو معصية وفي المعصية ما هو كفر وما هو فسق، وأن لكل واحد منهما أحكاماً يجب علينا العمل بها وقد عرّفنا وقوع الطاعات والمعاصي من العباد ومكننا من تمييز بعضها من بعض وأمرنا في المطيع بأحكام وفي العاصي بأحكام أمراً مطلقاً من غير شرط ألا ترى إلى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}⁣[الممتحنة: ١]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}⁣[المائدة: ٥١]، وقوله في قصة إبراهيم: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}⁣[التوبة: ١١٤]، وقد أمرنا بالتأسي بإبراهيم # والذين معه فوجب علينا معرفة ما هو المؤمن لنتبع سبيله حيث قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ...} الآية [النساء: ١١٥]، وما يصير به المكلف عدو الله لنتبرّأ منه ونحو ذلك وإلا لم نأمن موالاة عدو الله والتبرؤ من ولي الله فنقع في المعصية وكذلك حيث علمنا وقوع معصية من عبدٍ ولم نعرف ما حكمها هل خرج بها عن الإيمان أو لا؟ وهل هي فسق أو كفر؟ فيجب علينا النظر في شأنها ليمكننا إجراء حكمها الذي أمرنا بإجرائه على صاحبها، فوجب معرفة ذلك لأجل الأمر المطلق. انتهى.

  قلت: ومراده # حيث احتاج المكلف إلى معاملة الكافر والفاسق لما سيجيء إن شاء الله تعالى.

  وأما إذا لم يحتج إلى ذلك فوجوب معرفة ذلك يختص العلماء والأئمة ونحوهم، والله أعلم.