(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق
  وقالوا: الكفر هو التكذيب النفسي كما أن الإيمان عندهم التصديق النفسي، واحتجوا بقوله تعالى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}[النحل: ١٠٦]، فنفى وقوع الكفر حيث لم يكن في القلب ولأنه نقيض الإيمان وقد قال تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات: ١٤]، فاقتضى أن الإيمان إنما يقع بالقلب فكذلك نقيضه وهو الكفر.
  قلنا: عبادة الصنم كفر وليست من فعل القلب.
  لا يقال: إن العبادة لم تكن كفراً إلا لكشفها عن اعتقاد إلهيته.
  لأنا نقول: بل هي كفر وإن لم يعتقد إلهيته إذ هو في حكم التكذيب للنبي ÷ والاستخفاف بنهيه عنه.
  وأيضاً الاستخفاف بالنبيء والقرآن كفر نحو السب والضرب وتحريق المصاحف تهاوناً وذلك من أفعال الجوارح.
  قال #: وقيل: لا يصح أن يقع كفر إلا بالقول دون أفعال القلوب وأفعال الجوارح.
  قال #: ولا يصح هذا المذهب إلا للكرامية؛ لأنهم يقولون: إن الإيمان إنما هو القول كما سبق.
  قلنا: الجهل بالله كفر إجماعاً وليس من القول بل من عمل القلب وقد قدمنا أن عبادة الصنم كفر إجماعاً وهي من أعمال الجوارح.
  قال #: وقيل القول لا يدخله كفر وإنما هو يكشف عن الكفر.
  قال: والقائل بهذا أبو هاشم حيث قال: إن إظهار كلمة الكفر ليست كفراً حتى ينضم إليها اعتقاد بدليل أن المكره يجوز له النطق بكلمة الكفر لما لم يكن عن اعتقاد.