(فصل): في ذكر الإكفار والتفسيق
  كفرهم؛ إذ لا يجوز التقليد فيه بوجه من الوجوه، ولا يجوز التقليد في الأحكام المبنية عليه إلا بعد معرفته كما تقدم الإشارة إليه في أول الباب.
  واعلم أنه بقي من أصناف التأويل التي عدها الإمام يحيى # لم تذكر على جهة التفصيل خمسة أصناف: المطرفية والروافض والخوارج والمرجئة والمقلدة.
  أما المطرفية فقد كفرهم الإمام أحمد بن سليمان # والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة #، وما فعل بهم من القتل والسبي والتغنم مشهور معلوم في كتبه # وفي غيرها، وكذلك غيرهما من الأئمة $.
  قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة #: اعلم أن دار الكفر أن يظهر المطرفي مثلاً مذهبه من غير ذمة ولا جوار فكل بلد ظهر فيها مذهب التطريف بغير ذمة من المسلمين ولا جوار فهي دار حرب يجوز غزوهم ليلاً ونهاراً وتحريقهم وتغريقهم وسبي ذراريهم وقتل مقاتلتهم غيلةً وجهاراً ومتى ظهر على دارهم كان حكمها حكم دار الحرب ويجوز قتلهم وسبيهم في وقت الإمام وغير وقته سواء كان هذا الكفر أصلياً أو ردة إذا كانت لهم دار لأن علة الجواز وهو الكفر قائمة في جميع الأحوال.
  قال # جواباً لمن سأله فقال: إذا كان الكفر لا يعرف إلا بدليل شرعي قطعي من كتاب أو سنة متواترة وقد علمنا كفر من ناظرناه من المطرفية فما الحجة في جميع ذلك على كفر مقلده أو محبه أو محسن الظن به أو الشاك في كفره؟
  قال #: الكلام في ذلك أن الكفر لا يعلم إلا بدليل كما ذكر السائل والدليل قد يكون عقلياً وقد يكون شرعياً وقد رفع السائل الإشكال في كفر المطرفية.
  وأما شكه في كفر المقلد لهم والمعلوم أن الله سبحانه قد نص على كفر المقلدين فكيف تصور السائل هذا السؤال والله تعالى يقول حاكياً عن المشركين: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ٢٣}[الزخرف]، ولم يقبل عذرهم.