كتاب المنزلة بين المنزلتين
  قال الإمام المهدي #: قد أجاب قاضي القضاة بأنهم إنما أجمعوا على صحة خروجه من اليهودية فقط ولا نسلم أنهم حكموا بصحة إسلامه وأنه قد صار حكمه حكم المؤمنين.
  وأما خروجه من اليهودية فلعدم التزامه أحكامها من السبت وغيره كما لو خرج من النصرانية.
  فأما أنه كتب له ثواب الإسلام أو أجريت عليه أحكام المسلمين فهذا غير مسلم بل عقابه باق لم ينقص منه شيء.
  وأما أبو رشيد فزعم أنه قد استحق ثواب الإسلام وأنه يخفف عليه من عقاب الكفر.
  واحتج أبو علي على مذهبه بأن قال التوبة من ذنب دون آخر من غير جنسه مقبوله كما لو فعل ذنباً وترك آخر.
  قلنا: الذنب الذي لم يفعله لا وجه لاستحقاق العقاب عليه بخلاف الذنب الذي قد فعله فإنه يستحق العقاب عليه فليس ما ذكره نظيراً لمسألتنا ونعارضهم بأن نقول زعمتم أن التوبة من ذنب مع الإصرار على ذنب آخر مقبولة فيلزمكم فيمن قتل ولداً لغيره وأخذ ماله أن يصح اعتذاره عن القتل دون أخذ المال فيبقى مصراً عليه.
  والمعلوم أن مثل هذا الاعتذار لا يفيد عند العقلاء (فوجب طرحهما) أي القياسين المتعارضين (والرجوع إلى الآيات) الدالة على وجوب عموم التوبة (كما تقدم) ذكرها من الآيات، (وكقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ٣١}[النساء]، فشرط في تكفير السيئات اجتناب جميع الكبائر ومن تاب من بعض الذنوب دون بعض فلا شك أنه مصر على الذنب الذي لم يتب منه (والإصرار على بعض