[إثبات أن الله لا يخلف وعده ووعيده والرد على من قال بجواز ذلك]
  بن المعتمر) وأصحابهما من البغداديين (وخلافاً للبصرية).
  اعلم أنه قد اتفق جمهور المعتزلة البصرية والبغدادية على أن العقاب يستحق عقلاً كما تقدم ثم اختلفوا هل يُعلم أنه يُفعل ويقطع به عقلاً أو لا: فقالت البصرية: لا يعلم بذلك إلا سمعاً فقط لا عقلاً، وإنما الذي يعلم استحقاق العاصي للعقاب ويجوز العفو عنه عقلاً؛ لقوله تعالى حاكياً عن إبراهيم ~: {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ٨٦}[الشعراء]، ولو كان العفو يقبح في العقل لما دعا به إبراهيم لأبيه مع علمه أنه كافر.
  وخالفت البغدادية فقالت: يعلم من جهة العقل أنه يفعل لا محالة وأنه لا يجوز العفو أصلاً.
  قال الإمام المهدي #: وهو بناء على أن العقاب لطف للمكلفين فلا بد من وقوعه حينئذ.
  (قلنا) في الجواب على البصرية: (يصير العفو) مع عدم الارتداع (كالإغراء) للعاصي بفعل المعصية (وهو) أي الإغراء بفعل المعصية (قبيح عقلاً) أي يحكم العقل بقبحه والله يتعالى عن فعل القبيح.
  قال في الكشاف في سياق قوله تعالى: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٢٠٩}[البقرة]، وروى أن قارئاً قرأ مكان «عزيز حكيم: غفور رحيم» فسمعه أعرابي فأنكره - ولم يقرأ القرآن - وقال: إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا، الحكيم لا يغفر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه. انتهى.
  وأما قوله تعالى حاكياً: {وَاغْفِرْ لِأَبِي}[الشعراء: ٨٦]، فالمراد وفقه للتوبة التي هي سبب الغفران.
  احتج البصرية فقالوا: العقاب حق لله سبحانه ومن المعلوم أن من له حق