شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 213 - الجزء 4

  على غيره أن له إسقاط حقه حيث لا إضرار بالغير، ونحن نعلم أن إسقاط الله تعالى للعقاب لا إضرار فيه على أحد، بل فيه نفع لمن أسقط عنه كإسقاط الدين.

  قلنا: ما مرادكم بكونه حقاً لله تعالى؟ إن أردتم⁣(⁣١) أن له فيه نفعاً فصح إسقاطه فذلك لا يجوز على الله سبحانه لأنه غني عن كل حاجة وإن أردتم أن في عقاب العاصي مصلحة فذلك الذي نقول، فلهذا لم يحسن إسقاطها لأن في تركها حصول مفسدة.

  قال الإمام المهدي #: لا يقال: إن شكر المنعم حق للمشكور فلزم أن يصح أن يسقطه عنه فيسقط وجوب شكره والمعلوم أنه لا يسقط بالإسقاط.

  لأنا نقول: لا شك أن الواجبات المتعلقة بالغير منقسمة منها ما لا وجه لوجوبه إلا كونه حقاً للغير وذلك كقضاء الدين ورد الوديعة، وما كان كذلك فإنه يسقط بإسقاط صاحب الحق.

  ومنها ما هو واجب في نفسه وإن كان متعلقاً بالغير وذلك كشكر المنعم ومعرفة الله تعالى فإن الشكر إنما وجب لكونه اعترافاً بنعمة واصلة وهذا الوجه لا يسقط بإسقاط المنعم لأن إسقاطه إياه يتضمن إباحة إنكاره لوقوعه والإنكار كذب فإسقاطه الشكر جار مجرى إباحة الكذب وإباحة الكذب لا تؤثر.

  والجواب والله الموفق: أنه لا معنى لكون العقاب حقاً لله تعالى حتى يصح أن يقال: إن له إسقاطه لأن الله غني عن الحقوق وإنما المراد أن العقاب حق على العاصي بمعنى أن العقل يحكم بأن عقابه حق وعدل وحكمة وما ذاك إلا لأجل


(١) قال في هامش نسخة (أ) المخطوطة من نسخ الشرح الصغير في مثل هذا الموضع ما يلي: يقال: لا يلزم من ثبوت الحق لله سبحانه النفع له تعالى ولا الحاجة كالشكر فإنه حق لله تعالى ولا يلزم من ذلك الحاجة كما سبق في الصفح الأيمن، فهذا الكلام غير مستقيم، فتأمل. كتب المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي.