(باب): [في ذكر القيامة]
  فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ٨٩ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٩٠}[النمل].
  فأما معنى تسمية ذلك اليوم يوم القيامة فمعنى القيامة فهي قيامة هذه الأشياء التي ذكرنا وقيامتها فهو ظهورها وظهورها فهو كينونتها.
  (ووجه حسنه) أي حسن ذلك الذي هو البعث والنشور والحساب والجزاء وإفناء العالم قبل ذلك (حصول العلم البت) أي العلم الذي لا شك فيه (للمكلفين) المؤمنين وغيرهم (بالله تعالى) وصدق وعده ووعيده يعلمون ذلك ضرورة كما سبق ذكره في أول الكتاب أن أهل الآخرة يعلمون الله تعالى ضرورة (و) يعلمون أيضاً ضرورة (بأن الصائر إليهم) من الثواب والعقاب (جزاء) على أعمالهم وذلك (لكشف الغطاء بالآيات) التي يشاهدونها (الموجبة للقطع بذلك) أي بالعلم بالله وبأن الصائر إليهم جزاء وتلك الآيات (منذ الممات حتى المحشر) أي يرون الآيات متتابعة من وقت موتهم إلى وقت حشرهم وحسابهم من ذلك ما قد ذكرنا في أحوال الموت وآيات الفزع وتكوير الشمس وانتثار النجوم وغير ذلك مما نذكر بعضه إن شاء الله تعالى، وقد قيل إن الخلائق يحشرون عراة حفاة وليس بصحيح والحق أنهم يحشرون على أحوال شتى ومراتب مختلفة على قدر أعمالهم ودرجاتهم.
  قال الإمام المهدي # في الغايات: فمنهم من يحشر على حالة جليلة شريفة ومنهم من يحشر على حالة إهانة واستخفاف على حسب الأعمال قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ٨٥ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ٨٦}[مريم]، وليس الوافد الريان كالمسوق الظمآن.
  وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ٦}[الزلزلة]، ومنهم من يحشر على وجهه كما قال تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا