(فصل): في ذكر الحساب
  وذلك حيث وزنت الصحائف المكتوب فيها الأعمال أو ابن آدم نفسه فلعل صحيفة العاصي تكون أثقل لكثرة المعاصي المكتوبة فيها أو مساوية لصحيفة المؤمن إن سلمنا أن ثم صحيفة مكتوب فيها الأعمال وكذلك بعض أهل النار أثقل من بعض أهل الجنة، (أو لا طائل) أي لا يقع (تحته) حيث فرضنا أن الصحائف أو ابن آدم يثقل بكثرة الطاعات ويخف بكثرة المعاصي أو أنه يجعل فيها نور وظلمة كما زعموا فلا فائدة حينئذ في الوزن (وأياً ما كان) من الجور أو عدم الطائل (فلا يجوز على الله تعالى) فعله لأنه لا يفعل الجور ولا العبث تعالى عن ذلك.
  (ولنا) حجة على قولنا: (قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ}) [الأعراف: ٨]، فأخبر تعالى بأن الوزن في يوم القيامة هو الحق أي إقامة العدل والإنصاف (وهذا نص صريح أنه) أي الوزن (الحق) أي العدل.
  (و) لنا أيضاً (قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ}[الأنبياء: ٤٧]، وهذا نص صريح) أيضاً (أن الموازين هي القسط والقسط هو العدل وكالميزان الذي أنزله الله تعالى في الدنيا حيث قال: {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ}) [الحديد: ٢٥]، فإنه مجاز والمراد به الحق والعدل وليس المراد به أن الله سبحانه أنزل الميزان المعروف وإنما أنزل وأمر بالعدل والإنصاف وسواء احتيج إلى إقامة العدل بالوزن أو بالكيل أو غير ذلك مما هو عدل وقسط لا ظلم فيه ولا جور ولا ميل.
  وكذلك قوله تعالى: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}[الإسراء: ٣٥]، إنما أراد تبارك وتعالى إقامة العدل سواء كان ذلك بوزن أو غيره.
  وكقوله تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ١٩}[الحجر].