شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا

صفحة 195 - الجزء 1

  الشمس طالعة ينتج أن النهار موجود.

  قال: والرد عليهم بعد تسليم كون هذا يقينياً يقع من وجهين:

  أحدهما: أن جميع ما يذكرونه من الأمثلة في هذه الأشكال لا فائدة فيه ولا ثمرة تحته فإنا عند العلم بهاتين المقدمتين نعلم النتيجة من دون أن نتكلف إيراد مقدمتين في شكل مخصوص فمتى علمنا أن كل إنسان حيوان وأنه لا شيء من الحيوان حجر فإنا نعلم أنه لا شيء من الإنسان حجر.

  وكذلك إذا علمنا أن الشمس طالعة علمنا أن النهار موجود من غير عناية سواء قسنا أو لم نقس، ولهذا لو منع أحدنا عن القياس لما خرج عن كونه عالماً بذلك.

  يوضحه: أن العلم عندهم بالمقدمتين ضروري وعند حصوله تتأهل النفس لأن يفعل الله فيها العلم بالنتجية فقد صار الكل ضرورياً غير واقف على اختيارنا فأي فعل يفعله القائس يسمونه قياساً برهانياً من استحضار أو غيره.

  هذا إن لم ندع أن أحدنا يعلم أنه ليس شيء من الناس حجراً وإن لم يخطر بباله المقدمتين المذكورتين.

  وبعد، فما الثمرة في أن يعلم أنه ليس شيء من الناس حجراً وإن النهار موجود حتى تكلفوا له فناً من أدق الفنون، ولم يذكروا فيه مسألة مفيدة.

  وبعد، فحاصل جميع ما ذكروه من البراهين الحاصلة عن أشكالهم هو عندنا نوع واحد وهو إلحاق التفصيل بالجملة وهو من أقل العلوم كلفة إن لم يكن ضرورياً على ما صححناه من قبل وكما هو مذهب الخصوم أو متولداً على ما يقوله شيخنا أبو الحسين أو يكون هو نفس العلم الجملي على ما يقوله شيخنا أبو هاشم.

  الوجه الثاني من الرد عليهم: وهو التحقيق إن ثبت هنا قياس وهو أن نبين أن القياس اليقيني لا يكون يقينياً بل لا يكون قياساً إلا إذا حصل فيه علة جامعة وحينئذ يكون من باب قياس التمثيل الذي جعلوه ظنياً.