شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا

صفحة 198 - الجزء 1

  قالوا: والقياس المتركب من الوهميات والحسيات المجردة يسمى مغالطياً وسوفسطائياً وهذا أيضاً لا نزاع فيه.

  قالوا: والقياس المتركب من المأخوذات والسمعيات يسمى ظنياً وقد عرفت ما أرادوا بهذا من إبطال الشرع ومساواته لما يقوله شيوخهم وقدماؤهم في أنه لا يفيد إلا الظن، وهذا لا يشتبه على مسلم بطلانه.

  قالوا: والقياس المتركب من المشهورات يسمى جدلياً لا ينبغي أن يلتفت إليه ولا يسمع قائله فإن صاحبه وإن غلب فإنما هو لقوة القائل لا لقوة القول.

  فانظر إلى هذه القاعدة التي أبطلوا بها العدل والوعد والوعيد والشرائع واتبعهم فيها أهل الجبر بأسرهم حتى أنك إذا أخذت تستدل للعالم منهم على أن الله تعالى عدل حكيم وأن نبيئه صادق يقبح الظلم والكذب ونحو ذلك مما يقوله أهل العدل أجابك بأن هذا من قبيل المشهورات التي لا تفيد إلا الظن الضعيف في حق الشاهد، وأما في حق الغائب فلا تفيد شيئاً أصلاً.

  فلهذا أقسم الرازي بيمين كبيرة في محصوله أنه لا يعلم بعقله وجوب شكر المنعم والنعمة في حق الله تعالى.

  قال القرشي: والرد عليهم وبالله التوفيق: أن يقال: إنما يكون الضروري من المعلوم ضرورياً بأن يكون مفعولاً فينا وغير واقف على اختيارنا، ولا بد من الإقرار بهذا، وإذا كان كذلك فإنا نجد أنفسنا مضطرة إلى العلم بقبح الظلم والكذب وحسن إرشاد الضال وإنقاذ الغريق ووجوب رد الوديعة وشكر المنعم ونحو ذلك مما سموه مشهوراً ونجد هذا العلم غير واقف على اختيارنا ولا نجد فرقاً بينه وبين العلم بالبدائه والمشاهدات في كونه ضرورياً.

  وأما ما يقوله علماء المجبرة من أنا إنما نحكم بذلك لأحد الأسباب الخمسة فهو ظاهر السقوط بدليل أنا لو فرضنا أن العاقل متعرٍّ من جميع هذه الأسباب فإنه يعلم بكمال عقله قبح الظلم والكذب ووجوب رد الوديعة وشكر المنعم