شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا

صفحة 199 - الجزء 1

  والمنكر لذلك مباهت.

  ثم يقال لهم: ولم قلتم: إنه لا يقيني إلا ما كان ضرورياً أو ينتج من مقدمات ضرورية، ولم تجعلوا الاستدلاليات يقينية مع حصول علاقة اليقين فيها من المطابقة وسكون النفس؟

  ثم يقال لأهل الإسلام منهم كالرازي والغزالي والأشعري وغيرهم: إن هذا اليقين الذي ذكرتموه مفقود في أدلتكم على إثبات الصانع وصفاته أفتعترفون بأنها ليست يقينية أم تعترفون بأن المشهورات يقينية ولا بد من أحدهما.

  فإن قالوا: وكيف ذلك؟

  قلنا: أما دليل إثبات الصانع فلا شك أنه مبني على أن العالم محدث وأن المحدَث لا بد له من محدِث وأن محدثه ليس إلا الله، فاستدل الرازي على حدوث الأجسام بأنها لو كانت أزلية لكانت إما متحركة أو ساكنة، والقسمان باطلان فيجب أن لا تكون أزلية.

  فيقال له: أول ما في هذا أنه مبني على إثبات الحركة والسكون معنيين وكثير من الناس لا يسلمه فضلاً عن أن يدعي فيه الضرورة، ومبني على أن الجسم إنما يكون كائناً لأجل تحيزه ليثبت ذلك في الأجسام الأزلية، ومبني على أن هذه المعاني لم يتقدم الجسم عليها، وكثير من الناس لا يسلمه، ومبني على إبطال حوادث لا أول لها، وعلى إبطال الكمون والظهور ونحو ذلك مما ليس بضروري، وقد لا ينتهي إلى أصل ضروري، وهذه تنقض كون هذه المقدمات يقينية على أصله.

  واستدل أيضاً على حدوث ما سوى الله تعالى بأنه لا واجب الوجود إلا واحد وما عداه ممكن الوجود لذاته وكل ممكن الوجود لذاته محدث.

  قال: بيان المقدمة الأولى أنا إذا فرضنا موجودين كل واحد منهما واجب الوجود لذاته فلا بد أن يكونا متشاركين في الوجوب وغير متشاركين في التعيين