شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا

صفحة 204 - الجزء 1

  الظهور لجميع العقلاء أو لأهل الملة لكونه مما لا تعم به البلوى لا علماً و لاعملاً (كالقول بتحريم أجرة الحجام والخاتن) وحافر القبور، أو لا تعم به البلوى علماً فقط كالقول بأن مس الذكر ينقض الوضوء ونحو ذلك (فالوقف) أي: فالواجب التوقف في ذلك فلا يحكم بتحريم الأجرة في المثال المذكور ولا حلها، ولا بقاء الوضوء ولا انتقاضه (حتى يظهر الدليل عليه) أي: على ذلك الشيء المدعى (إن كان) عليه دليل في نفس الأمر.

  وإنما وجب الوقف (لجواز أن يطلع عليه) أي: على الدليل أي: يقف عليه ويعرفه (بعض العلماء) لكثرة علمه واطلاعه.

  (ويعزب) أي: يخفى (عن غيره) من سائر العلماء؛ لأنه ليس من شأنه عموم التكليف به علماً وعملاً أو لا علماً ولا عملاً لا لأهل الملة ولا لجميع العقلاء فلا يحكم العقل باستحالته وعدمه لأنه لا يلزم من وجوده في نفس الأمر محذور.

  (أو يظهر عدمه) أي: عدم الدليل بأي الأمارات الدالة على ذلك.

  فإن قلت: فإن لم يظهر الدليل بعد البحث ولا ظهر عدمه هل يجب القطع بانتفائه والحكم ببطلان ذلك الشيء المدعى أو يبقى الوقف.

  قلت: قد قيل إنه ما لا دليل عليه وجب نفيه والقطع ببطلانه مطلقاً، ولم يخصوا شيئاً من شيء.

  قالوا: لأنا إذا جوزنا ثبوت ما لا دليل عليه جاز أن نجوز في الأدلة التي يستدل بها أو في مقدماتها خللاً أو شرطاً لم نقف عليه نحن ولا غيرنا، ومع هذا التجويز لا يمكن حصول اليقين عن شيء من الأمور النظرية ولا غيرها.

  والحق ما ذكره الإمام # من التفصيل المتقدم، وليس ما قالوه من أن عدم وجود دليل الشيء دليل على القطع ببطلان ذلك الشيء بصحيح لجواز أن يكون عليه دليل في نفس الأمر لم يظهر وإنما الدليل على بطلان ذلك الشيء الذي لم يظهر دليله العقل.