(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا
  الخصم) أي: ثبوت حكم يخالف ما ادعاه الخصم إلا بدليل يدل على ثبوته غير الدليل الذي وقع إبطال دليل الخصم به.
  كمن يدعي ثبوت إمامة أبي بكر بالإجماع فيبطله الخصم بأن يقول: المعلوم بالتواتر عدم وقوع الإجماع على إمامة أبي بكر لوقوع الخلاف من علي # وأهل بيته وغيرهم كأفاضل الصحابة والتابعين حتى الآن فبذلك يبطل دليل المخالف، ولا تتعين إمامة علي # إلا بدليل آخر كآية الولاية وخبر الغدير وغير ذلك.
  (إلا أن يكونا) أي: الدليل المبطل به والمبطل (في طرفي نقيض) أي: كان أحدهما ينقض الثاني ويقتضي نقيضه بحيث (إذا بطل أحدهما ثبت الآخر) وذلك كإبطالنا لشبهة من جوز الرؤية فإنه إذا بطلت شبهته بدليلنا المناقض له لتضمنه نفي الرؤية ثبت ما أردناه من نفي الرؤية له سبحانه وتعالى، وكإبطالنا لشبه الدهرية في قدم العالم فإذا بطل قدمه ثبت حدوثه، وكإبطالنا لقول المعتزلة بأن الذوات ثابتة فيما لم يزل فإذا بطل ثبوتها فيما لم يزل صح عدم ثبوتها فيما لم يزل.
  (وإن تضمن) أي: الدليل المبطل به (إثباتَ خلافه) أي: إثبات خلاف حكم المبطل (تعين كونه) أي: المبطل (شبهة) لا حجة للخصم، (وتعين خلافُه) أي: إثبات خلاف حكمه، وذلك نحو أن يستدل الخصم على أن الإمامة في قريش لقوله ÷: «الأئمة من قريش» فيبطل استدلاله بالخبر بتبيين أمير المؤمنين علي # له في قوله: «إن الأئمة من قريش في هذا البطن من هاشم» فهذا متضمن لإبطال مذهبه ولإثبات خلافه.
  وكما تقدم من إبطال شبهة الخصم في دعوى كون المؤثر في الكائينية وجود معنى فإن الدليل الذي أبطل قوله قد تضمن إثبات أن التأثير للفاعل؛ لأنه لو لم يكن التأثير للفاعل فلا يخلو إما أن يكون أثر بلا مؤثر وهو محال، أو يكون التأثير للعدم وهو محال، فثبت أن التأثير للفاعل المختار.