[صحة الاستدلال على ثبوت الباري تعالى بالقياس العقلي]
  (وغيرهم) كأبي القاسم البلخي وأبي الحسين(١) البصري والرازي: (لا يصح) الاستدلال بالقياس العقلي.
  قالوا: لأنا إذا علمنا حدوث العالم علمنا حاجته إلى محدث ضرورة، ولا يحتاج إلى الاستدلال على ذلك بأفعالنا، ولأن علة القياس الجامعة غير معلومة.
  وقال الإمام يحيى # في الشامل: لا يصح قولهم: إن العلة في أن احتياج أفعالنا إلينا هو حدوثها فعليهم أن يقيموا دلالة على ذلك حيث قال: واعلم أنهم يعتمدون في إثبات الصانع على طريقة القياس على تصرفات الواحد في أفعاله وحاجتها إليه فحاصل الأمر فيها أنها تستدعي أركاناً أربعة: الأصل، والفرع، والعلة، والحكم.
  فالأصل هو أفعال الواحد منا، والفرع هو العالم، والعلة هي الحدوث، والحكم هو الحاجة إلى المحدث.
  فمتى ثبت أن الحكم في محل الوفاق معلل بعلة ثم وجدنا تلك العلة في محل النزاع لزم لا محالة ثبوت الحكم، والمقام المشكل الذي يحتاجونه في تقرير هذه الطريقة بيانُ أن الحكم في الأصل معلل بالعلة الموجودة في الفرع فلا بد من بيان الأمر في أن احتياج أفعالنا إلينا إنما هو من أجل حدوثها فإذا تم هذا أمكن رد العالم إليه في احتياجه إلى محدث أيضاً.
  قال: ولهم على ثبات ذلك دليلان.
  قلت: قد ذكرهما # واعترضهما ثم قال: والحق أن وجه الحاجة إنما هو الجواز كما قررناه آنفاً في المسالك الدالة على إثبات الصانع.
(١) هو محمد بن علي بن الطيب البصري المتكلم على مذهب المعتزلة وهو أحد أئمتهم، له التصانيف الفائقة، منها: المعتمد، وشرح الأصول الخمسة، وغير ذلك، سكن بغداد وتوفي بها يوم الثلاثاء خامس شهر ربيع الاخر سنة ست وثلاثين وأربعمائة. (وفيات الاعيان باختصار). ذكره في المنية والأمل من الطبقة الثانية عشرة.