[صفات الله تعالى الذاتية]
  لاعتقادهم أنها صفاة مقتضاة عن الصفة الذاتية لا يمكن العلم بها إلا بنظر جديد ولهذا فصلوا هذه الفصول.
  قال: ونحن لا نعتقد الصفة الذاتية ولا المقتضاة ولا أن بعض الصفات يؤثر في بعض على جهة الاقتضاء ولا أن ذلك من مذاهب الأنبياء ولا من دين محمد المصطفى ولا علي المرتضى ولا المتقدمين من أهل البيت النجباء À جميعاً.
  قال: ومن سمع بمقالتهم هذه وهي تجويز حصول العالم وحدوثه ممن ليس بموجود قادر حي عالم سخر بها غاية السخرية بل ذكر الشيخ أبو الحسين البصري والشيخ محمود الملاحمي من المعتزلة أنهم يجوزون أن الإنسان يعلم أن للعالم صانعاً مختاراً عدلاً حكيماً باعثاً للرسل قبل أن يعلم أنه موجود قادر عالم حي، وهذه ضحكة لا ينبغي ذكرها إلا على وجه التحذير منها؛ لأنه لازم لهم على ذلك المذهب الذي ذهبوا إليه بل لا محالة فهم التزموا ما يلزمهم من ذلك وإن كان شنيع جداً. انتهى.
  قلت: ولأجل ذلك لم يستدلوا على وجوده تعالى إلا بأدلة ضعيفة واهية كدليل التعلق(١) ونحوه الذي لا يدل على المقصود إلا على سبيل التكلف والتمحل، والله أعلم.
  وقد تضمن هذا الفصل من صفاته تعالى خمساً:
  الأولى: كونه تعالى موجوداً والموجود أوضح من أن يشرح.
  واعلم أن الوجود ليس بأمر زائد على الذات في الشاهد والغائب فالوجود للشيء هو نفس ذلك الشيء وهذا هو المعقول الحق الذي ذهب إليه أكثر العلماء
(١) دليل التعلق: وهو أن يقال قد ثبت أن الله قادر وعالم، والقادر العالم له تعلق بمقدوره ومعلومه، والعدم يحيل التعلق فلو كان القديم معدوماً زال تعلقه بمقدوره ومعلومه، وقد علمنا أن له تعلقاً بهما فيجب أن لا يكون معدوماً. (من هامش نسخة (ب) من الشرح الصغير).