(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى
  بناء قديم ورسم قديم، وإنما وجب كونه تعالى قديماً (لأن المقارنة) لو فرضت بين الصانع والمصنوع والمحدِث والمحدَث (تبطل كون المحدِث محدِثاً؛ لعدم الاختيار من الفاعل) مع المقارنة لأن اختيار الفعل على تركه لا يكون إلا قبل وجود الفعل ضرورة.
  (و) لو فرضنا المقارنة لزم أيضاً (عدم صحة إحداثه) أي: إحداث المحدث أي: تأثير المؤثر أصلاً فيلزم قدم العالم وهو محال كما سبق ذكره؛ (لأنه ليس إحداث أحدهما) أي: العالم ومحدثه (للآخر بأولى من العكس) لعدم المخصص لأحدهما بكونه صانعاً.
  والثاني بكونه مصنوعاً لفرض مقارنتهما وذلك واضح البطلان، (ولما يلزم) لو فرضنا المقارنة وقد ثبت حدوث العالم بما مر من الدلالة على ذلك (من حدوثه تعالى؛ لمقارنته المحدث) الذي هو العالم (ابتداء) أي: في ابتداء وجودهما (فيحتاج) محدث العالم (إلى محدث) يحدثه ومحدثه إلى محدث (وتسلسل) إلى ما لا نهاية له، (وهو) أي: التسلسل (محال) لعدم النهاية.
  ولا بد أن يكون محدث العالم قديماً (غيرَ محدَث) أي: لم يكن مصنوعاً لصانع البتة؛ (لما يلزم من التسلسل) كما مر آنفاً، (أو التحكم) أي: القطع والحكم بأن محدثاً مقتصراً عليه أحدث محدث العالم بلا حجة ضرورية ولا دليل يستدل عليه (في الاقتصار على البعض) حيث قلنا: يحتاج إلى محدث ولا يحتاج محدثه إلى محدث (كما تزعمه المفوضة)(١) وهم فرقة من الرافضة زعموا أن الله سبحانه
(١) قال المجلسي في مرآة العقول ٣/ ١٤٧: والمفوضة صنف من الغلاة وقولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة: اعترافهم بحدوث الأئمة وخلقهم وإضافة الخلق والرزق إليهم، ودعواهم أن الله تعالى تفرد بخلقهم خاصة، وأنه فوض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الأفعال. انتهى. ولكن بعض المتأخرين من الإمامية يقولون: إنه إذا كان تحت إرادة الله سبحانه مثل أفعالنا فإنه حق بزعمهم فيثبتون التفويض في الخلق والرزق والإحياء والإماتة تحت إرادة الله سبحانه، وكذلك التصرف في هذا الكون، وأن لهم القدرة على ذلك، وعلى الكرامات والمعجزات، وأن =