شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى

صفحة 329 - الجزء 1

  قلت: وقد ذكر الإمام يحيى # كثيراً من أباطيلهم منها: أن ذات الله تعالى علة ولا يصدر عنها إلا معلول واحد، وأن المبادئ الشريفة عندهم بعد وجود المبدأ الأول تسعة عشر في العدد: عشرة عقول، وتسعة أفلاك، ولها ترتيب في الوجود يعجب منه العقلاء ويضحك منه الجهال لأنه هذيان لا يليق بملاعب الصبيان وخرافات القُصَّاص فضلاً عن أن يوجبه عقل أو يقوم على صحته برهان.

  قالوا: وكيفية ترتيبها في الوجود على تسع درج الدرجة الأولى هو أن المبدأ الأول وهو الله تعالى وجوده هو نفس حقيقة ذاته وهو واحد من كل وجه وقد فاض من وجوده وجود العقل الأول وهو موجود قائم بنفسه ليس بجسم ولا هو منطبع في جسم وقد حصل في مصدر وجوده عن المبدأ الأول تثليث ففيه إمكان من جهة ذاته ووجوب وجوده من جهة غيره وهو يعقل باريه فهذه أمور ثلاثة يختص بها يحصل عن ذاته لأجل اختصاصه بهذه الأمور الثلاثة معلولات ثلاثة وأشرف الجهات يجب أن يكون جهة لأشرف المعلولات فلا جرم جعلنا وجوب وجوده من جهة المبدأ الأول علة في حصول عقل ثاني وإمكانه علة لوجود الفلك الأقصى وهو أول الأفلاك وجوداً وعلمه بباريه علة لوجود جرم الفلك الأقصى.

  قالوا: فحصل من ذاته تعالى العقل الأول بالإيجاب الطبعي واللزوم الضروري ولا يحصل عن ذاته إلا مجرد هذا العقل من غير زيادة ولا نقصان؛ لأن الزيادة على ذلك توجب الكثرة في ذاته وهي منزهة عن وقوع الكثرة فيها.

  إلى أن قالوا: ثم لزم من العقل الثاني عقل ثالث وفلك الروح وجرم فلك الروح وهو فلك الكواكب وفيه تثليث أيضاً إمكانه في نفسه ووجوب وجوده من جهة غيره وعلمه بمؤثره فلهذا أوجب هذه الأمور الثلاثة، ثم لزم من العقل الثالث عقل رابع وفلك زحل وجرم فلك زحل أيضاً وفيه التثليث الذي ذكروه.

  ثم لزم من العقل الرابع عقل خامس وفلك المشتري وجرم فلك المشتري