[كلام الإمام يحيى # على الملاحدة الباطنية]
  التالي إيناساً لعوام الثنوية والمجوس حيث قالوا: يزدان وإهرمن وأن إهرمن تولد من فكرة يزدان الردية.
  وتارة يظهرون التظلم لأهل البيت والدعاء إلى محبتهم والنقم بثأرهم استمالة لأكثر الخلق لما جبلوا على محبتهم.
  وربما يظهرون الزهد والتقشف والعبادة وأنواع الوصائف ليستدرجوا بذلك أكثر عوام المسلمين وهم لعنهم الله منقسمون إلى عشر فرق:
  الفرقة الأولى: هم الباطنية سموا بذلك لقولهم إن لكل ظاهر باطناً لا يطلع عليه إلا الخواص، وأن من ارتقى إلى علم الباطن انحطت عنه التكاليف واستراح من أثقاله.
  والفرقة الثانية: القرامطة نسبة لهم إلى رئيس يقال له حمدان(١) قرمط وكان أحد دعاتهم في الابتداء إلى هذه الضلالة.
  الفرقة الثالثة: الخُرمية وخرم هذا اسم فارسي معرب وهو يفيد بوضعه الشيء المستطاب المشتهى الذي يرتاح به ويلتذ إليه وسموا بهذا نسبة لهم إلى حاصل مذهبهم وخلاصته وهو طي بساط التكليف ورفع الواجبات عن ظهور الخلق وطلب اللذات وقضاء كل وطر من المشتهيات وتحليل كل محرم في الشريعة فلهذا سموا بهذا الاسم المفيد لما ذهبوا إليه.
  الفرقة الرابعة: البابكية نسبة لهم إلى رجل يقال له بابك رئيس لهم وذلك أن بابك هذا خرج داعياً إلى هذه البدعة في بعض الجبال بناحية أذربيجان في أيام المعتصم فاستظهر وتابعه على ذلك طوائف فاستفحل أمرهم واشتدت شوكتهم فوجه المعتصم(٢) إليهم جيشاً وأمَّر عليهم رجلاً يقال له: أفشين، وكان خبيثاً
(١) اختلف في اسمه وأصله. قيل: اسمه «حمدان» أو «الفرج بن عثمان» أو «الفرج بن يحيى» وقرمط لقبه. أصله من خوزستان. وعرف في سواد الكوفة سنة ٢٥٨ هـ (الأعلام للزركلي باختصار).
(٢) ستأتي ترجمته.