شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى

صفحة 349 - الجزء 1

  ثم نقول: قولكم بأنها واجبة أو ذاتية أو مقتضاة صفات لها إثباتية وجودية زائدة عليها مثل قولنا قديمة أو محدثة لا فرق في ذلك فإذا كان قولنا قديمة أو محدثة صفة ثبوتية وجودية زائدة عليها فكذلك قولكم واجبة وذاتية ومقتضاة.

  وأما قولكم إنما هي صفات اعتبارية لا وجود لها في الخارج فنقول: ما مرادكم بذلك أتقولون: إنها ليست كذلك في الخارج أي: في نفس الأمر فهذا كذب محض ومناقضة ظاهرة.

  أو تقولون إنها ليست أشياء معقولة محققة فإثبات ما لا يعقل مغالطة وتلبيس.

  وأما ردكم على الكلابية بقولكم إنهم ناقضوا أنفسهم حيث جعلوها معاني وذوات ثم ادعوا بعد ذلك أنها صفات، وقد علم أن بين الصفات والذوات فرقاً ظاهراً وأن كون الشيء ذاتاً وصفة محال فغير مستقيم ولا لازم للكلابية لأن لهم أن يقولوا: وما المانع من أن يكون المعاني التي هي ذوات وأعراض صفات للأجسام وليس صفة الأجسام إلا الأعراض القائمة بها ونحن لا نسلم لكم أن الصفات هي الأمور الموجبة عن هذه المعاني فهاتوا الدليل على ذلك وهل هذا إلا اصطلاح منكم مجرد.

  وهذا الكلام في الأجسام وصفاتها وأما الباري تعالى وصفاته فكلام الفريقين فيه سواء في البطلان؛ لأنه لا فرق بين قول من قال إن الله تعالى عالم بعلم لا يوصف بقدم ولا حدوث ولا وجود ولا عدم وقول من قال يوصف تعالى بأمر لا يوصف بقدم ولا حدوث ولا وجود ولا عدم وكل ذلك مناقضة ظاهرة والله أعلم.

  قالوا: قد تقرر أن القديم تعالى مخالف لغيره ويستحيل وقوع المخالفة بينه وبين غيره بنفس كونه تعالى ذاتاً فيجب أن تكون المخالفة بأمر زائد وراء كونه تعالى ذاتاً وليس ذلك إلا الصفة التي نريدها وهو المطلوب.