(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى
  بصفة أن يعلل المقدر بذلك، وإما أن تثبت المماثلة لمعنى وهو محال لأن المعنى لا يختص بالمعدوم، وإما أن تثبت لحكم وهو محال؛ لأنها إنما تثبت لأمر ذاتي ولا ذاتي في الأحكام، وإما أن تثبت بالفاعل وهو محال؛ لأن الفاعل لا يؤثر إلا في الحدوث وتوابعه، ولأن ما يؤثر فيه الفاعل جائز، والمماثلة والمخالفة واجبان، وإما أن تثبت لصفة ذاتية منتظرة كما يقوله أبو إسحاق بن عياش حيث أثبت التحيز ونفى الجوهرية وهو باطل؛ لأن هذه الأحكام ثابتة في حال العدم فلا يصح في المؤثر فيها أن يتراخى عنها بقي أن تثبت لصفة ذاتية وهو المطلوب إلا أن الشيخ أبا عبدالله يقول إنها هي التحيز وينفي الجوهرية ويجعل أحكام التحيز من شغل الجهة ونحوه مشروطة بالوجود إلى أن قال صاحب المنهاج.
  قال: ولا يتزايد من هذه الصفات إلا المعنوية، ثم قال: والتحيز عند الجمهور صفة واجبة مقتضاة عن الجوهرية؛ لأنه لا يجوز أن يتحيز لمجرد ذاته ولا لوجوده ولا لحدوثه ولا لوجود معنى لأن التحيز واجب، والمعنوية جائزة يصح أن لا تحصل بأن لا يحصل المعنى.
  قال: ولا يجوز أن يتحيز بالفاعل.
  قال: وهذا هو الذي يشتبه الحال فيه وهو موضع الكلام في أن سائر صفات الأجناس لا تكون بالفاعلين.
  قال: وخالف فيه الشيخان أبو الحسين وابن الملاحمي.
  قال: لنا لو كان تحيز الجوهر بالفاعل لصح أن يوجده الفاعل ولا يجعله متحيزاً كما صح أن يوجد الكلام ولا يجعله خبراً فكان ينسدّ طريق العلم به إذ لا يعلم الجوهر إلا بالتحيز بل يصح أن يجعله سواداً بدلاً من تحيزه كما صح أن يجعل الكلام أمراً بدلاً عن كونه نهياً.
  قال: واعترض الشيخ محمود هذا الدليل باعتراضات كلها مبني على أن المعدوم ليس بذات وأن وجود الشيء وتحيزه هي نفس ذاته. انتهى.