(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى
  قال: لنا أن التحيز واجب، والوجود جائز.
  قلت: يريد أن التحيز صفة مقتضاة عن الجوهرية فهي واجبة لعلتها بخلاف الوجود فإنه بالفاعل فكان جائزاً.
  قال: والذي يدل على أن للجوهر بكونه كائناً حالاً أنه يستحيل كونه في جهتين في حالة واحدة ولا وجه لهذه الاستحالة إلا حصوله على صفتين ضدين.
  قال: ولا يثبت للذات في حالة العدم من هذه الصفات إلا الصفة الذاتية.
  قال: ودليل ثبوتها في حالة العدم هو أن الجوهر يستحقها لذاته لبطلان سائر وجوه التعليل وذاته ثابتة في كل حال.
  قال: وأيضاً قد ثبت أن الذوات تتماثل وتختلف في حالة العدم.
  قال: والذي يكشف عن الصفة الذاتية هو المقتضى عنها إلا أنه قد يكشف على التفصيل كالتحيز فإنه يكشف عن ذاتية هي جوهرية فيدل الاشتراك فيه على التماثل وقد يكشف على الجملة كصحة كون الشيء معلوماً فإنه يكشف عن ذاتية مجملة لا يدرى أجوهرية هي أم سوادية فلا يدل الاشتراك فيها على التماثل.
  ثم قال: إذا ثبتت المماثلة والمخالفة فهي إما أن تثبت للذات لمجرد كونها ذاتاً وهو محال لاشتراك الذوات كلها في ذلك، وإما أن تثبت لكونها ذاتاً مخصوصة كما يقوله أبو الحسين وهو باطل؛ لأنا نقول له بماذا هي مخصوصة هل بكونها ذاتاً فيلزم تماثل جميع الذوات أو بأمر زائد وهو المطلوب.
  قال: وهذا قد أورده أصحابنا دليلاً مستقلاً على إثبات الجوهرية وما عارضهم به أصحاب أبي الحسين من أن معنى المماثلة حاصل في الصفات فإن الجوهرية في حكم المماثلة للجوهرية الأخرى فكان يجب أن تثبت صفات أخرى للصفات - فهو غير لازم؛ لأن المماثلة الحقيقية لا تثبت إلا في الذوات.
  ومعنى قول أصحابنا: إن الصفات تجري مجرى المماثلة هو أنها لو كانت ذوات لكانت متماثلة والتماثل فيها مقدر وليس يجب إذا علل الحكم المحقق