شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى

صفحة 384 - الجزء 1

  (و) يلزم أن (يُدرَك) أي: المسموع والمبصر (في حال عدمه؛ لوجود المعنى) الذي يدرك به، وإلا كان خلق المعنى مع عدم وجود المدرك عبثاً، والله يتعالى عن ذلك.

  (والثاني) من الشيئين: (أن يعدم المعنى) الذي يدرك به (ويوجد المدرَك) الذي هو المسموع والمبصر (ولا يدرك؛ لعدم المعنى) الذي يدرك به.

  (قلنا) في الجواب عليهم: (جعلتم الأول) وهو وجود المعنى وعدم المدرك وإدراكه في حال عدمه (لازماً لنا) وهو غير لازم؛ لأن وجود المعنى سبب لإدراك المدرك حين وجوده لا حين عدمه، (فيلزمكم) أن جعلتم ذلك لازماً لنا مثل ما ألزمتمونا وهو (أن يعدم المدرك) الذي هو المسموع والمبصر (ويدرَك في حال عدمه؛ لوجود الحياة والسلامة من الآفات) الموجبين للإدراك بزعمكم كما زعمتم أن وجود المعنى لازم لإدراك المدرك في حال عدمه؛ (إذ لا فرق) بين الإلزامين.

  (و) نحن (لا نلتزمه) أي: لا نلتزم ما ألزمتمونا (لعدم تعلقه) أي: المعنى (بالمدرَك في حال عدمه) كما ذكرناه آنفاً.

  (وأما الثاني) مما ألزمتمونا وهو أن يعدم المعنى ويوجد المدرك ولا يدرك لعدم المعنى (فملتَزَمٌ) أي: نحن نقول به وهو (لا يقدح) في قولنا؛ إذ هو (نحو وجود المدرَك عند الأعمى والأصم) فهما غير مدركين قطعاً (وعدم إدراكهما) إنما كان (لعدم المعنى) الذي ركبه الله في الصماخ والحدق وذلك غير قادح.

  (وأنتم جعلتموه قادحاً فيلزمكم) إذ جعلتموه قادحاً مثل ما ألزمتمونا وهو (أن يدرك) أي: المدرك الذي هو المسموع والمبصر (لوجوده) أي: لكونه موجوداً (في حال عدم الحياة) لأنكم جعلتم وجود المدرك لازماً للإدراك (إذ لا فرق) بين الإلزامين؛ (فالجماد عندكم) بهذا الاعتبار (سميع بصير) لأجل وجود المدرك، والمعلوم بطلانه.