شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى

صفحة 383 - الجزء 1

  في ذلك عندهم بين الخالق والمخلوق.

  (قلنا) في الرد عليهم: (الأعمى والأصم حيان، و) هما (لا يدركان المسموع والمبصر) قطعاً، فلو كانت الحياة مقتضية للإدراك كما زعمتم لأدركا المسموع والمبصر.

  (قالوا: إنما لم يدركا) المسموع والمبصر (لمانع وهو الآفة) الحاصلة في السمع والبصر.

  (قلنا) رداً عليهم: (تلك الآفة هي سلب ذلك المعنى) الذي ركبه الله في الحدق والصماخين ولا يعلم في الأذن والعين آفة غير سلبه فثبت أن الإدراك به فلما سلبه الله تعالى من الحاسة بطل الإدراك.

  (وإلا) أي: وإن لم تكن تلك الآفة هي سلب ذلك المعنى (لزم أن لا يدرك المأيوف) أي: صاحب الآفة مسموعاً و لا مبصراً إذا كانت الآفة (بغير سلبه) أي: سلب ذلك المعنى (نحو الأرمد) والأجذم وغيرهما فيلزم أن يكونوا غير مدركين لوجود الآفة، والمعلوم أن الأرمد ونحوه يدرك المسموع والمبصر وغيرهما، فبطل أن تكون الحياة مقتضية للإدراك لا في الشاهد ولا في الغائب.

  (وإن سلم) لهم على استحالته أن الأعمى والأصم لم يدركا لوجود الآفة وأن الآفة ليست سلب ذلك المعنى بل أمر غيره مؤثر في عدم الإدراك (لزم أن يرى الأعمى) المبصرات (ويسمع الأصم) المسموعات (بأي عضو من جسديهما؛ لوجود الحياة في ذلك العضو) إذ المقتضي للإدراك بزعمهم هو وجود الحياة (وسلامته) أي: ذلك العضو (من الآفة) وكذلك من غطى على عينيه أو سد أذنيه، وذلك معلوم البطلان.

  (قالوا: يلزم) من القول بأن الإدراك في اللغة بمعنى في العين أو الصماخين أو في غيرهما (شيئان؛ الأول) منهما: (أن يوجد المعنى) الذي يدرك به (ويعدم المدرَك) أي: المسموع والمبصر ونحوهما.