(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى
  المسموعات والمبصرات لم يمتنع أن يؤدي ذلك النظر إلى إثبات إدراك له سبحانه متجدد يدرك به المشتهيات والملموسات لعدم المخصص لإدراكٍ دون إدراك ومدرك دون مدرك وكل ذلك مستحيل لا يجوز إضافته إلى الله تعالى.
  قلت: وهم قد صرحوا بأن له تعالى إدراكاً متجدداً يدرك به المشتهيات والملموسات كما سبق ذكره عنهم.
  قال: ومما يشهد بصحة مذهب أئمة أهل البيت $ من قول أمير المؤمنين علي # في خطبته: «عينه المشاهدة لخلقه ومشاهدته لخلقه أن لا امتناع منه، سمعه الإتقان لبريته».
  وقول علي بن الحسين # في توحيده: «سميع لا بآلة، بصير لا بأداة».
  وقول جعفر الصادق(١) #: «إنما سمي تعالى سميعاً بصيراً لأنه لا يخفى عليه شيء».
  وقول محمد بن القاسم #: «إنما عنى بقوله تعالى سميع بصير الدلالة لخلقه على دركهم وعلمه لأصواتهم التي إنما يعقلون دركها عندهم بالأسماع، وأنه سبحانه مدرك عالم بجميع أشخاصهم وهيئاتهم وصورهم وألوانهم وصفاتهم وحركاتهم التي إنما يعقلون دركها بالعيون والأبصار، وإدراك المخلوقين للأصوات والأشخاص بالأسماع والعيون التي ربما كلت وتحيرت وأخطأت وأدركت ظاهراً دون باطن وقصرت، ودرك الله سبحانه لهذا كله درك واحد محيط بما ظهر وبطن وبما بعد وقرب وهو درك علمه الذي لا يفوته من المدركات شيء».
(١) جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي الحسيني المدني أبو عبد الله. أشهر من نار على علم، مناقبه وفضائله كثيرة، فهو إمام علم مشهور بين الخاص والعام، حاول المنصور الدوانيقي قتله مراراً فحماه الله، واستمر بنشر علم آل الرسول وتنوير العقول، الرواة عنه كثيرون، والمؤلفات عنه وفيرة. (معجم رجال الاعتبار باختصار). وذكره في التحف للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # فقال: المتوفى سنة ثمان وأربعين ومائة، عن خمس وستين سنة. اهـ.