[الله تعالى ليس بذي مكان]
  قال أمير المؤمنين # في بعض خطبه في نهج البلاغة: «الْأَحَدِ لا بتأويل عَدَدٍ وَالْخَالِقِ لَا بِمَعْنَى حَرَكَةٍ وَنَصَبٍ وَالسَّمِيعِ لَا بِأَدَاةٍ وَالْبَصِيرِ لَا بِتَفْرِيقِ آلَةٍ وَالشَّاهِدِ لَا بِمُمَاسَّةٍ وَالْبَائِنِ لَا بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ وَالظَّاهِرِ لَا بِرُؤْيَةٍ وَالْبَاطِنِ لَا بِلَطَافَةٍ، بَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِالْقَهْرِ لَهَا وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَبَانَتِ الْأَشْيَاءُ مِنْهُ بِالْخُضُوعِ لَهُ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ عَدَّهُ فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ، وَمَنْ قَالَ كَيْفَ فَقَدِ اسْتَوْصَفَهُ، وَمَنْ قَالَ أَيْنَ فَقَدْ حَيَّزَهُ، وعَالِمٌ إِذْ لَا مَعْلُومٌ وَرَبٌّ إِذْ لَا مَرْبُوبٌ وَقَادِرٌ إِذْ لَا مَقْدُورٌ».
  وقال الهادي # في كتاب الرد على أهل الزيغ فإن قال: «فأين معبودهم في الأرض أم في السماء أم فيما بينهما من الأشياء؟ قيل له: هو فيهما وفيما بينهما وفوق السماء السابعة العليا ومن وراء الأرض السابعة السفلى، لا تحيط به أقطار السماوات والأرض وهو المحيط بهن وبما فيهن من المخلوقين فكينونته فيهن ككينونته في غيرهن فيما فوقهن وتحتهن وكينونته فيما فوقهن وتحتهن ككينونته قبل إيجاد ما أوجد من سماواته وأرضه فهو الأول الموجود من قبل كل موجود المكوِّن غير مكوَّن، والخالق غير مخلوق، والقديم الأزلي الذي لا غاية له ولا نهاية.
  إلى قوله: ولكن معنى قولنا: «إنه فيهن» هو أنه مدبر لهن قاهر لكل ما فيهن مالك لأمرهن ولأمر ما بينهن وما تحتهن لا أنه مُسْتَجِنّ بهن، ولا داخل كدخول الأشياء فيهن».
  وقالت (المجسمة) وهم من تقدم ذكره آنفاً: (بل هو) تعالى (على سرير) مستقر عليه، وقد مر ما ذكروه.
  وقالت (الكلابية) من المجبرة: (بل) هو تعالى (عليه) أي: على السرير وهو العرش عندهم اغتراراً بظاهر ما ورد من متشابه القرآن الكريم نحو قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ٥}[طه].
  قالوا: ولكنه عليه (بلا استقرار) أي: ليس بمستقر عليه فراراً مما يلزمهم