(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  والسكون يدل على نهايته وتحديده.
  وقال أيضاً: إن الهواء أول ما خلق الله ثم إن الله ألبسه الظلمات والزمان فلم يخل من الزمان طرفة عين منذ خلقه الله ø، ولم يكن الزمان في حال خلق الله للهواء ليلاً ولا نهاراً، وإنما دلنا على أنه لم يخل من الزمان أنا نظرنا إلى كل مخلوق فإذا هو لا يخلو من الحركة والسكون وإذا الحركة والسكون لا توجدان إلا في أقل قليل الأوقات ولا تكون الحركة إلا في وقت ولو قل، وكذلك السكون والدهر فهو عرض خلقه الله مع الهواء فلم يسبق أيهما الآخر أصلاً ثم أتت الأخبار بأن الله خلق بعده الماء والرياح والنار ثم خلق جميع الخلائق من هذه الأصول.
  وقال أيضاً: فإن قال وما أنكرت من أن يكون الزمان الذي هو سكون الهواء قديماً لم يزل على ما نرى ساعة يفنى بعد ساعة؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لأن قولك هذا لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون عنيت به الزمان الذي انقطع ومضى، وإما أن تكون عنيت غيره.
  فإن كنت عنيت غيره، فليس كلامنا إلا فيه، وإن كنت عنيته، فكيف لا يتناهى عند من عقل من أهل النُّهى شيء قد وقع عليه الانقطاع والفناء. انتهى.
  (و) القول بأن أول ما خلق الله فتق الأجواء قد (اشتهر ذلك عن الوصي ~) حيث قال في خطبته المحكية عنه في نهج البلاغة: «ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الْأَجْوَاءِ وَشَقَّ الْأَرْجَاءِ وَسَكَائِكَ الْهَوَاءِ فأحار فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَيَّارُهُ مُتَرَاكِماً زَخَّارُهُ حَمَلَهُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ وَالزَّعْزَعِ الْقَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ وَسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّهِ وَقَرَنَهَا إِلَى حَدِّهِ الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتِيقٌ وَالْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا وَأَدَامَ مُرَبَّهَا وَأَعْصَفَ مَجْرَاهَا وَأَبْعَدَ مَنْشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصْفِيقِ الْمَاءِ الزَّخَّارِ وَإِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ وَعَصَفَتْ بِهِ عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ تَرُدُّ أَوَّلَهُ على آخِرِهِ وَسَاجِيَهُ على مَائِرِهِ حَتَّى عَبَّ