(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ ١٥١ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ١٥٢}[الصافات].
  وقال (بعض اليهود وبعض النصارى معاً) أي: أجمعوا على هذا القول معاً: (هم أبناء الله) كما حكى الله عنهم في قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}[المائدة: ١٨]، ولا أدري هل هذا القول قول مستقل لم أقف عليه أو هو داخل فيما قبله، قال في الكشاف: معنى قوله تعالى حاكياً أبناء الله أي: أشياع ابني الله عزير والمسيح كما قيل لأشياع أبي خبيب وهو عبدالله بن الزبير الخُبيبيون وكما كان يقول رهط مسيلمة: نحن أبناء الله، ويقول أقرباء الملك وذووه وحشمه: نحن الملوك. انتهى.
  وغر اليهود في عزير أنه كان يحفظ التوراة غيباً ولم يحفظها أحد قبله، وغر النصارى في المسيح حدوثه من غير أب أي: ادعت كل فرقة ذلك وإلا فكل فرقة تضلل الأخرى.
  (قلنا) في الرد عليهم: من دلالة العقل: (الولد يستلزم الحلول) في الوالد (ثم الانفصال) بعد ذلك عنه كما ذلك معروف، (ولا يُحَلّ إلا في جسم، ولا يُنفصل إلا عنه) أي: عن الجسم، (والله تعالى ليس بجسم؛ لما مر) تقريره بالأدلة العقلية.
  (و) أما الأدلة السمعية فمنها ما أنزل الله سبحانه من سورة الصمد حين سألت اليهود أو قريش محمداً ÷ عن الله جل وعلا حيث (قال تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}[الإخلاص]، و) كذلك (قال تعالى حاكياً) عن الجن الذين استمعوا القرآن (ومقرراً) لقولهم: ({وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا}) أي: تعالى شأنه وسلطانه ({مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}) [الجن: ٣]، أي: تنزه عن ملامسة النساء وطلب الولد.
  (و) كذلك (قال تعالى): {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَّقُوا لَهُ بَنِينَ