(فصل): [في استحالة الفناء على الله]
  (بل لأن ذاته تعالى أوجبت وجوده) فلا يصح عليه الفناء لذلك وكذلك سائر صفات ذاته تعالى من كونه قادراً وعالماً وحياً فإنها موجَبة عن الذات كما سبق ذكره.
  قال الإمام المهدي # في كونه تعالى عالماً في الأزل: وإذا علم تعالى بعض الأشياء لذاته استلزم ذلك علم الأشياء جميعاً لذاته إذ لا اختصاص لذاته ببعضها، وإذا علم الأشياء كلها لذاته كان على صفة العالمية في الأزل وهو المطلوب. انتهى.
  قالوا: (والذات) أي: ذات الباري تعالى (ثابتة في الأزل) إذ هو الأول والآخر والظاهر والباطن (وهو) أي: الوجود أمر زائد عليها لكنه (لا يتخلف عنها) أي: عن ذات الله، (كما مر لهم) في المؤثرات فلزم من ذلك وجوده تعالى في الأزل واستحالة الفناء عليه لوجود العلة المقتضية لوجوده تعالى في الأزل.
  (لنا: ما مر عليهم) من أنه لا تأثير للعلة وأن صفات الله سبحانه هي ذاته لا أمور زائدة على ذاته جل وعلا.
  (وإن سلم ما ادعوه) من تأثير العلة (لزم وجود سائر الذوات) أي: ذوات الأجسام (بذلك الإيجاب) الذي زعموه وهو إيجاب الذوات للصفات والأحكام (عندهم).
  وإنما لزمهم ذلك (حيث جعلوها) أي: الذوات (ثابتة في الأزل) كما سيأتي لهم ولا يعقل الفرق بين الثبوت والوجود؛ (إذ هو) أي: تأثير العلة بزعمهم تأثير (إيجاب بلا اختيار) كما سبق لهم من أن العلة توجب المعلول وتقارنه ولا اختيار لها، (فما وجود بعض الذوات به) أي: بذلك الإيجاب حيث جعلوه مختصاً بالباري تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً (أولى من بعض) وهو سائر ذوات الأجسام والأعراض إذ لا اختيار للعلة (كما مر لنا) عليهم في فصل المؤثرات.
  (ولزم عدم فنائها) أي: عدم فناء سائر الذوات (كذلك) أي: كذات الباري