(فصل: في الإشارة إلى ما يجب معرفته من ذات الله ø)
  مجعولة فكيف ترمي به نفسه المسكينة إلى عرفان خالقها ومصورها الأول قبل كل موجود، والآخر بعد كل شيء، الذي لا تحويه الأقطار ولا يشتمل عليه الليل والنهار، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}[الأنعام].
  ومن أحسن ما قيل في معنى ذلك من النظم قول عبدالحميد(١) بن أبي الحديد مصنف شرح نهج البلاغة:
  والله ما موسى ولا ... عيسى المسيح ولا محمدْ
  عرفوا ولا جبريل وهـ ... ـو إلى محل القدس يصعدْ
  من كنه ذاتك غير أنـ ... ـك أوحديُّ الذات سرمدْ
  عرفوا إضافات ونفياً ... والحقيقة ليس توجدْ
  فليخسأ الحكماء في ... حَرَم له الأفلاك سُجّدْ
  من أنت يا رسطا ومن ... إفلاط قبلك يا مُبلّدْ؟
  ومن ابن سينا حين قر ... ر ما هذيت به وشيّدْ؟
  هل أنتم إلا الفرا ... ش رأى السراج وقد توقّدْ
  فدنا فأحرق نفسه ... ولو اهتدى رشداً لأبعدْ
  وقوله أيضاً:
  فيك يا أغلوطة الفكر ... تاه عقلي وانقضى عمري
  سافرت فيك العقول فما ... ربحت إلا عنا السفر
  رجعت حسرى وما وقفت ... لا على عين ولا أثر
(١) العالم النحرير، والحافظ الكبير، عز الدين، أبي حامد، عبدالحميد بن هبة الله بن محمد المدائني، الشهير بابن أبي الحديد المعتزلي، المتوفى سنة خمس وخمسين وستمائة، من علماء العدل والتوحيد، القائمين بحق الله ورسوله ووصيه وأهل بيت نبيه ÷. (لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار).