شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[تمهيد في ذكر الحقيقة والمجاز]

صفحة 526 - الجزء 1

  اللفظ إلى أمر معلوم يمكن الإشارة إليه إشارة حسية فإن أسداً في المثال المذكور مستعار للرجل الشجاع وهو متحقق حساً.

  أو عقلاً كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}⁣[الفاتحة]، فإن الصراط وهو الطريق التي لا عوج فيها مستعارة لدين الحق والإيمان وهو أمر متحقق عقلاً.

  (وإن ذكر المشبَّه) وأريد به المشبه به بالادعاء والتَّخَيُّل (نحو قولنا: علي - كرم الله وجهه - يفترس الأقران) فقد أطلق اسم علي # وأريد به السبع المعروف بادعاء السبعية له وإنكار أن يكون شيئاً غيره ومثل هذا قول الهذلي:

  وإذا المنية أنشبت أظفارها .... البيت

  (فالمكنيّ عنها) أي: فهي تسمى استعارة مكنياً عنها لعدم التصريح بها، وتحقق معناها.

  (وهي) أي: المكني عنها (تستلزم الاستعارة التخييلية) والتخييلية هي ما لا تحقق لمعناه حساً ولا عقلاً بل هو صورة وهمية (نحو: يفترس الأقران) في المثال المذكور فإنه لما شبه علي # بالأسد في إهلاك الأقران أخذ الوهم في تصويره بصورة السبع واختراع لوازمه له من الافتراس وغيره فأثبت له الافتراس المختص بالسبع توهماً وتخيلاً ثم أطلق عليه لفظ يفترس استعارة تصريحية، وكلفظ الأظفار في قول الهذلي فإنه لما شبه المنية بالسبع في الاغتيال أخذ الوهم في تصويرها بصورته واختراع لوازمه لها فاخترع لها مثل صورة الأظفار ثم أطلق على ذلك الذي اخترعه وتصوره وتخيله للمنية لفظ الأظفار المحققة التي تكون في السبع المخصوص فتكون استعارة تصريحية؛ لأنه قد أطلق اسم المشبه به وهو الأظفار المحققة على المشبه وهو صورة وهمية شبيهة بصورة الأظفار المحققة والقرينة إضافتها إلى المنية، وليست استعارة تحقيقية؛ لأن المشبه هاهنا ليس متحققاً حساً ولا عقلاً.