شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[تمهيد في ذكر الحقيقة والمجاز]

صفحة 543 - الجزء 1

  والوجه: أنه شبه فعله تعالى بالمخلوقين وإسبال النعم عليهم في الدنيا والآخرة وإمهالهم والستر عليهم في دار الدنيا وقبول الإنابة والتوبة منهم بفعل ذي الحنو والرقة والشفقة، ولا يلزم من تشبيه فعله سبحانه بفعل المخلوق تشبيهه جل وعلا بشيء من خلقه كما سنذكره من بعد في رحمة الله سبحانه وتعالى.

  وأيضاً فإن رحمن ورحيم صفتان جاريتان على لغة العرب ولا بد للصفة من أصل تُشتق هي منه واصلهما الذي اشتقتا منه هو الرحمة فإذا ثبت أن الرحمة في حقه تعالى مجاز وهي الأصل ثبت في الفرع الذي هو رحمن ورحيم كونهما مجازين.

  ومثل رحمن ورحيم في المجازية ما ورد من نحو قوله تعالى: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ}⁣[النساء: ١٤٢]، و {خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ٣٠}⁣[الأنفال]، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

  قال # ورحمن ورحيم مع كونهما حقيقتين دينيتين مختلفان (فرحيم منقول) من معناه اللغوي إلى المعنى الشرعي، (ورحمن غير منقول) من معنى لغوي إلى غيره؛ (إذ لم يطلق) أي: رحمن (على غيره لغة) أي: في لغة العرب (البتة) أي: في كل حال من الأحوال لا مقيداً ولا غير مقيد.

  قال في الصحاح: يقال: لا أفعله بتة ولا أفعله البتة لكل أمر لا رجعة فيه ونصبه على المصدر.

  (و) أما (قولهم) أي: قول بعض بني تميم المغترين بمسيلمة الكذاب: (رحمن اليمامة) يريدون به مسيلمة لعنه الله، وقول من قال منهم أيضاً:

  وأنت غوث الورى ... لا زلت رحمانا

  فهو (كقول الصوفية: الله للمرأة الحسناء) اعتقاداً منهم أن ربهم يحل في الصورة الحسنة كما سبق ذكره.