شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

باب الاسم والصفة

صفحة 550 - الجزء 1

  لا يعرفه إلا من لم يشبهه) تعالى بخلقه، ولفظ شيء لا يفيد أن مسماه شيء ليس كمثله شيء، بل يفيد أن مسماه شيء يحتمل أن يكون جسماً وأن يكون عرضاً أو لا جسماً ولا عرضاً فلم يفد لفظ شيء كون الله تعالى معلوماً البتة.

  وقال (أبو علي وأبو عبدالله البصري) من المعتزلة وغيرهما: (بل) إنما يجوز أن يجري لفظ شيء اسماً لله سبحانه (سمعاً فقط) لا عقلاً فلو لم يرد السمع بتسميته شيئاً لم يجز إطلاقه عليه تعالى.

  قالوا: (إذ هو كاللقب) واللقب هو الاسم الموضوع لتعيين مسماه من غير أن يدل على معنى فيه وهو العَلَم عند النحاة كزيد وعمرو وفرعون وإبليس ولا معنى له سوى تمييز الأشخاص وتعيينها فهو لتمييز الغائب وتشخيصه كالإشارة الحسية إلى الحاضر فإذا كان الشيء حاضراً كان تمييزه عن سائر أنواعه بالإشارة الحسية، وإذا كان غائباً تعذرت الإشارة إليه فوضع له لقب يميزه عن سائر نوعه فلهذا لا يجري اللقب على الله تعالى اتفاقاً.

  (قلنا) رداً عليهم: (يمتنع) إطلاقه عليه تعالى بغير قيد عقلاً وسمعاً؛ (لأنه لا يفيد) أي: لفظ شيء (كونه تعالى معلوماً من غير قيد ولا تضمن مدحاً) كسائر أسمائه تعالى (وليس بعلم فلم يفد) في حقه تعالى فائدة (والحكيم لا يخاطب إلا بالمفيد)؛ إذ ذلك مقتضى الحكمة وعدمه ينافيها.

  (و) أما ما احتجوا به من السمع مثل (قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}⁣[البقرة: ٢٨٢])، فإنه (عام للأشياء المتشابهة) من سائر المخلوقات (والشيء الذي ليس كالأشياء) وهو الله سبحانه وتعالى فهو في المعنى مقيد ولكنه لما كان المقصود بلفظ شيء في هذا الموضع العموم لم يمكن ذكر القيد الذي لبعض الأشياء لدخوله في ضمن الشيء الذي ليس بمقيد؛ لأن المقصود به المقيد وغير المقيد، وكذلك كل لفظ عام لما هو مقيد في المعنى وما هو غير مقيد إذا أتي به وأريد به العموم فإنه لا يمكن ذكر القيد وإن كان القيد مقصوداً في المعنى مثل