(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها
  ويثني عليه والذي يدل على وجوبه من كتاب الله تعالى قوله ø: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ١٥٢}[البقرة]، وقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ١٨٥}[البقرة]، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ١٧٢}[البقرة]، وقال تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ٧٣}[النمل]، وقال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ١٣}[سبأ].
  قلت: وهذه الآيات دالة على أن الطاعات شكر لله وأن المعاصي كفر لله.
  قال: وقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «من أودع عرفاً فليشكره فإن لم يمكنه فلينشره فإذا نشره فقد شكره وإذا كتمه فقد كفره».
  قال: واعلم أن الكفر هو الجحد وهو على وجهين فكفر بالله وكفر بنعمة الله ومن لم يشكر الله فهو كافر بنعمة الله والكافر بنعمة الله فاسق وهو من أهل النار؛ لأن الشكر ضد الكفر. انتهى.
  وقال بعض المعتزلة ومن وافقهم من المتأخرين: إن وجه قبح القبيح الشرعي هو كونه مفسدة في التكاليف العقلية.
  قالوا: والمفسدة ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل القبيح وترك الواجب.
  وقال أبو علي: بل وجه قبحه كونه ترك لطف ومصلحة وهذه رواية النجري عنه، وهذا منه بناء على مذهبه أن التروك أفعال وأن أحدنا لا يخلو من فعل إما الشيء وإما ضده وهو تركه قلت: وهذه مسألة خلاف بين الأصوليين فعند أبي علي والإخشيدية والبلخي والمطرفية والأشعرية وروي عن القاسم والمرتضى: أن المكلف به في النهي فعل وهو كف النفس أي الانتهاء إذ لا تكليف إلا بفعل.
  وعند أبي هاشم والجمهور: بل هو أن لا يفعل أي نفي الفعل وهو جهة كافية في استحقاق المدح والثواب، والذم والعقاب. حكى ذلك في الفصول.