(فصل): في حكم أفعال العباد
  المتولدة من فعلنا، وأنها متعلقة بقدرنا طريقان:
  الطريق الأولى: دعوى الضرورة بأن هذه الأفعال نحو الكتابة والرمي والقتل وما أشبهها أفعال لنا.
  قال: وهذه هي طريقة الشيخ أبي الحسين والخوارزمي.
  قال: وهذا هو المختار.
  قلت: وهو الحق.
  قال: ويتضح كونه ضرورياً بوجوه أربعة: الأول: أنها واقفة على حسب قصودنا ودواعينا ومنتفية بحسب كراهتنا وصارفنا وبيان هذا أنا متى أردنا الكتابة والرمي وقعا من جهتنا لا محالة.
  إلى أن قال: وثانيها: أنها واقعة على حسب قدرنا في القلة والكثرة.
  إلى أن قال: وثالثها: أنها واقفة على حسب آلاتنا ولهذا فإن الواحد منا متى كان له يد فإنه يتأتى منه الكتابة ومتى انقطعت يده فإنه يتعذر منه تحصيلها وهكذا القول في الرجل فإنها آلة المشي وهكذا القول في القوس فإنها آلة الرمي والقلم آلة الكتابة ولا شك أن الكتابة والرمي متوقفان عليهما.
  ورابعها أن العقلاء يستحسنون الأمر بالكتابة والرمي وينهون عنها وكل هذه الأمور توضح أن العلم بكوننا محدثين لها وفاعلين ضروري لا محالة.
  ثم ذكر # الطريق الثاني وهي طريقة الاستدلال إلى أن قال: واعلم أنه لا عجب من المجبرة في القول بأن هذه الأفعال المتولدة من فعل الله مع قولهم بالجبر والتزامهم له وإنما العجب من هؤلاء الجماهير من المعتزلة مع اعتزائهم إلى الفئة العدلية واعترافهم بالاختيار وكونهم خصوماً للمجبرة في كل مقام كيف قالوا بهذه المقالة ووقعوا في عميقات هذه الجهالة وكرعوا في آجن هذه الضلالة.
  والذي يميز حالهم عندنا عن حال هؤلاء المجبرة هو أن العبد عندهم مخير في الإرادة باتفاقهم على ذلك فمن ثم حسن التكليف بالأمر والنهي وتوجه الثواب