فصل: في أحكام قدرة العبد
  أفعال الله تعالى؛ لاستلزامه) أي المتولد (الحاجة) على الله تعالى (إلى السبب) المولِّد للفعل إذا أراد إيجاده وتجويز الحاجة عليه تعالى محال ويجعل حركة السفن والأشجار ونحوها مبتدآت.
  (قلنا) رداً عليه: (لا يستلزم الحاجة إلا حيث كان الله تعالى لا يقدر عليه) أي على المتولد (إلا به) أي بالسبب المولد له، (و) لا شك أن (الله تعالى يقدر عليه ابتداء) من غير سبب (فهو) أي الله سبحانه (فاعل مختار) قادر على تحريك السفينة والشجرة بغير رياح كما يحركهما برياح فلم يستلزم الحاجة عليه تعالى.
  ولنا أيضاً حجة على قولنا وقوع ذلك وورود السمع به (و) هو (قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا}[الروم: ٤٨]) فنسب الإثارة إلى الرياح لكونها سبباً.
  وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}[يونس: ٢٢]، وقوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيَاحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ}[الشورى: ٣٣]، وذلك واضح.
  وقول من قال إن الحاجة إلى السبب إنما هي حاجة الفعل إليه كاحتياج الفعل إلى المحل فكما أنه لا يصح من الله تعالى إيجاده إلا في محل ولم يلزم أن يكون تعالى محتاجاً إلى المحل كذلك لا يصح منه إيجاده إلا بإيجاد سببه ولا يلزم أن يكون محتاجاً إلى السبب ليس بسديد والله أعلم.
  واعلم أن السبب والمسبب قد يتفقان في الحسن والقبح وقد يختلفان ولا يلزم اتفاقهما في ذلك إلا إذا اشتركا في القصد بأن يقصد بفعل السبب وجود المسبب.
فصل: في أحكام قدرة العبد
  قالت (العدلية) كافة: (والقدرة) وتسمى قوة واستطاعة وطاقة: هي (غير موجبة للمقدور) أي لما يفعله العبد بها؛ لأن الله خلقها له كالآلة للفعل، ولا