شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل: في أحكام قدرة العبد

صفحة 48 - الجزء 2

  للعمل الصالح وللسيئة هو العبد بما جعل الله له من القدرة على العمل وجعل الاختيار إليه في عمل أيهما شاء ليستحق الثواب ويتم التكليف الموصل إلى أسنى الذخائر وأرفع المنازل ولو منعه جل وعلا عن فعل المعصية لم يستحق الثواب على فعل الطاعة ولا ترك المعصية ولبطل التكليف إذ هو كالملجأ حينئذ.

  (و) كذلك (شهادة كل عاقل عليهم) بأنه قد فعل لأن كل عاقل يعلم بضرورة عقله أن العبد الصحيح السوي يتمكن من القيام ومن تركه ومن المشي في الأرض ومن تركه ونحو ذلك.

  ثم نقول لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه فيما حكى عن المتخلفين الفاسقين: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}⁣[التوبة]، هل كانوا مستطيعين للخروج معه؟

  فإن قالوا: نعم تركوا مذهبهم.

  وإن قالوا: كانوا غير مستطيعين للخروج مع النبي ÷ وافقوا المتخلفين في قولهم وأكذبوا الله سبحانه في قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}، وردوا قوله.

  وأخبرونا عن قول الله سبحانه في الظهار: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}⁣[المجادلة: ٤]، لو أن رجلاً موسراً كثير الرقيق صحيح البدن قوياً على الصيام قال: لا أعتق رقبة ولا أصوم لأني غير مستطيع لذلك لأن الله لم يخلق لي استطاعة ولا قدرة عليه ولكني أطعم.

  فإن قالوا: لا بد له من العتق تركوا مذهبهم.

  وإن قالوا: يطعم ولا يعتق ولا يصم؛ لأن الله لم يُقْدِره على ذلك ردوا كتاب الله سبحانه، ومن رد آية من كتاب الله كفر.

  وأخبرونا عن قول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ٩ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ١٠}⁣[الشمس]، من هو المزكي والمدسي؟

  فإن قالوا: العبد خرجوا من مذهبهم.