شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

تنبيه آخر:

صفحة 59 - الجزء 2

  وهي من أعظم مسائل المعتزلة خبطاً وخرصاً وخطأً التي خالفوا فيها العقل والسمع وأئمة أهل البيت $ كما سيتضح لك ذلك إن شاء الله تعالى، وهي من المخلوق النية والضمير، وأما من الخالق فقال (جمهور أئمتنا) $ (و) أبو القاسم (البلخي و) إبراهيم بن سيار (النظام) وأبو الهذيل وغيرهم: (وإرادة الله سبحانه) وتعالى مجاز عبارة عن مراده كما كانت مجازاً عن ضعف الجدار ومقاربته للانهدام في قوله تعالى: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}⁣[الكهف: ٧٧]، وكما أن سمعه وبصره مجاز عبارة عن علمه تعالى كما سبق ذكره وحكى هذا القول الحاكم في التهذيب عن البغدادية وهي عند أئمتنا $ على معنيين:

  إرادة حتم وإمضاء وإرادة تخيير وتمكين فالأول إرادة الله تعالى (لخلقه المخلوق) فإنها (نفس ذلك المخلوق) لا شيء غيره.

  فإذا خلقه فقد أراده، وإذا أراده فقد خلقه لا إرادة له جل وعلا غير وجوده وإحداثه (و) المعنى الثاني وهو إرادة التمكين والتخيير إرادة الله تعالى (لأمر عباده) بالطاعات والمباحات وهي أيضاً (نفس ذلك الأمر) لا شيء غيره.

  (و) كذلك إرادته جل وعلا (لنهيهم) عن المحظور والمكروه هي (نفس ذلك النهي) لا شيء غيره، (و) كذلك إرادته سبحانه وتعالى (لإخبارهم) بالوعد والوعيد والقصص والأمثال وغير ذلك فإنها (نفس ذلك الخبر) لا شيء غيره، والمراد بكون هذه الإرادة إرادة تخيير وتمكين أن الله سبحانه خير عباده ومكنهم من الامتثال لأمره وعدمه ليتم التكليف ومكنهم من معرفة أخباره وقصصه وأمثاله.

  قال الهادي #: لأن إرادته للشيء خلقه له وخلقه له فهو إيجاده إياه، وإيجاده إياه فهو إرادته له فإذا خلق فقد أراد وشاء وإذا أراد فقد خلق وبرأ لا فرق بين إرادته في خلق الأجسام ومراده؛ لأن إرادته لإيجاد الأجسام هو خلقه لما فطر من الصور التوام لا تتقدم له إرادةٌ فعلاً ولا يتقدم له أبداً فعلٌ، إرادةً ولا