شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[فصل في وصف الله تعالى بأنه مريد]

صفحة 75 - الجزء 2

  وتعالى إلى ذلك الغير والحركة لإيجاد المرادات ولا يجوز الحاجة على الله سبحانه.

  (و) يلزم أيضاً (أن يكون أول مخلوق) خلقه الله تعالى (غير مراد لعدم وجود غيره تعالى) تحل فيه تلك الحركة (حينئذ) أي حين خلق الله أول مخلوق قبل أن يخلق محلاً لتلك الإرادة وهذا الحين إنما هو مفروض مقدر إذ لا وقت قبل أن يخلق الله شيئاً (وذلك) أي كون أول مخلوق غير مراد (يستلزم نحو العبث) والعبث قبيح وكذلك نحوه كالغفلة والسهو (كما مر) في الرد على المعتزلة.

  (قالوا) أي كل من تقدم ذكره ممن خالفنا وأثبت الإرادة غير المراد وجعلها جنساً زائداً على العلم والظن والاعتقاد شاهداً وغائباً كأبي علي وأبي هاشم وقاضي القضاة وأبي عبدالله البصري وغيرهم من أصحاب أبي هاشم والأشعرية كالجويني والغزالي وابن الخطيب الرازي والكلابية والنجارية كذا ذكره في الشامل فقال هؤلاء: إن الدليل على كون الله سبحانه مريداً على الحقيقة كإرادة الواحد منا أن قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}⁣[الفتح: ٢٩]، خبر يصلح أن ينصرف إلى كل واحد من المحمدين، و (لا ينصرف) أي: ({مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} ÷) في الآية الكريمة (إلى ابن عبدالله) النبي الأمي ÷ من بين المحمدين (إلا بإرادة) كونه المقصود بهذا الخبر.

  قالوا: لأن صفة هذا الخبر وهو كونه خبراً عن محمد بن عبدالله بخصوصه وهي الصفة التي تميز بها عما سواه من الأخبار لا يصح أن يستحقها هذا الخبر لذاته أو لشيء من صفاته؛ لأن ذات الخبر وصفاته مع سائر المحمدين على السواء ولا يستحقها لمعنى لاستحالة قيام المعنى بالمعنى⁣(⁣١) فلم يبق إلا أن يستحقها بالفاعل وليس ذلك لكونه قادراً إذ لا تأثير لها إلا في الإحداث وكون


(١) لأن الكلام عندهم معنى. (من هامش الأصل).