[فصل في وصف الله تعالى بأنه مريد]
  والذي وقفت عليه في كتاب عقائد النسفي(١) في الحكاية عن النجارية ما لفظه: والإرادة صفة لله تعالى أزلية قائمة بذاته تقتضي تخصيص المكونا ت بوجه دون وجه وفي وقت دون وقت لا كما زعمت الفلاسفة من أنه تعالى موجب بالذات لا فاعل بالإرادة والاختيار ولا كما زعمت النجارية من أنه مريد بذاته لا بصفته. انتهى.
  وحينئذ يكون الفرق بين القولين أن الأشعرية قالوا: مريد لذاته، والنجارية قالوا: مريد بذاته، فإن كان المراد باللام والباء التعليل فالقولان كقول أبي علي وأبي هاشم في صفات الله تعالى إنها مقتضاة عن الصفة الأخص أو عن الذات وقد تقدم الرد عليهم والله أعلم.
  وقال هشام بن الحكم ومتابعوه من (الرافضة: بل) إرادته تعالى (حركة لا هي الله [تعالى] ولا هي غيره) قال النجري: ويحتمل أن يريدوا الحركة على حقيقتها بناء على التجسيم وأن يريدوا بها صفة المريدية التي أثبتها المعتزلة فيكون الخطأ بينهم وبينهم في العبارة فقط.
  (قلنا) رداً عليهم: (لا واسطة) بين الله وغيره (إلا العدم) فبطل قولكم.
  وقال (الحضرمي) وعلي بن متيم ومن تبعهما: (بل) إرادته تعالى (حركة في غيره) تعالى.
  (قلنا) رداً عليهم: (إذاً) أي إذا كان الأمر كذلك (فالمريد غيره تعالى) لاختصاص الحركة بذلك الغير.
  (وإن سلم) لهم ما زعموه (لزم) من ذلك (الحاجة) أي حاجة الله سبحانه
(١) عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل، أبو حفص، النسفي: عالم بالتفسير والأدب والتاريخ، من فقهاء الحنفية. ولد بنسف [سنة] ٤٦١ هـ وإليها نسبته، وتوفي بسمرقند [سنة] ٥٣٧ هـ، له: العقائد - ط، يعرف بعقائد النسفي. وهو غير النسفي (المفسر) عبد الله بن أحمد. (الأعلام للزركلي باختصار).